رأي الدين في الحلم

العلماء والحلم
يعتبر رأى العلماء واجتهاداتهم فى الدين هى المصدر الثالث الذى يعول عليه فى الشريعة الإسلامية بعد القرآن الكريم كمصدر أول والسنة والنبوية الشريفة كمصدر مكمل للمصدر الأول وكمصدر ثان لما لم يرد فيه .
وهى مصادر غير منفصلة بعضها عن بعض بل كل منها يكمل الآخر ويتصل به اتصالا وثيقاً .
ودور العلماء من الأهمية بمكان إذ يقومون برعاية علوم القرآن والسنة المشرفة فى التفسير والشرح والاجتهاد فى المسائل التى لم ترد بوضوح فى كلا المصدرين .
وقد جمع العلماء فى مؤلفاتهم ما يخص الأحلام بناء على ما استقوه من القرآن والسنة ودعموا تلك الأسانيد بما لمسوه من واقع أحلام الناس كلا فى عصره .
وعلى سبيل المثال قد قام الإمام ابن القيم بتقسيم الرؤيا فى كتابه الروح إلى ثلاثة أقسام وهى رؤيا من الله ورؤيا أو حلم من الشيطان ورؤيا من حديث النفس .
وهو كما نرى تقسيم للأحلام من حيث مصدرها وقد اعتمد فى تقسيم هذا على أحاديث الرسول الكريم فى هذا الشأن وقد أوضح تلك الأنواع كالآتى :
الرؤيا الصالحة وهى بدورها تنقسم إلى أقسام منها الإلهام يلقيه الله سبحانه وتعالى فى قلب العبد وهو كلام يكلم به الرب عبده فى المنام كما قال عباده بن الصامت وغيره ومنها مثل يضربه له ملك الرؤيا الموكل بها، ومنها التقاء روح النائم بأرواح الموتى من أهله وأقاربه وأصحابه وغيرهم ومنها خروج روحه إلى الله سبحانه وتعالى وخطابها له، ومنها دخول روحه إلى الجنة ومشاهدتها وغير ذلك .
فالتقاء أرواح الأحياء والموتى نوع من أنواع الرؤيا الصحيحة التى هى عند الناس من جنس المحسوسات .
وقد أورد أيضاً في كتابه تحت مسألة هل تتلاقى أرواح الأحياء وأرواح الأموات أم لا .. عدة أمثلة مستدلاً بقوله تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون) سورة الزمر الآية (42) .
قال بن عباس .. بلغنى أن أرواح الأحياء والأموات تلتقى فى المنام فيتساءلون بينهم فيمسك الله أرواح الموتى ويرسل أرواح الأحياء إلى أجسادهم .
وقال ابن أبى حاتم فى تفسيره للآية (والتى لم تمت فى منامها) قال يتوفاها فى منامها فيلتقى روح الحى وروح الميت فيتذاكران ويتعارفان قال فترجع روح الحى الى جسده فى الدنيا الى بقية اجلها وتريد روح الميت أن ترجع الى جسده فتحبس .
وهذا أحد القولين فى الآية وهو أن الروح الممسكة من توفيت وفاه الموت أولا والمرسلة من توفيت وفاه النوم والمعنى انه سبحانه يتوفى نفس الميت فيمسكها ولا يرسلها إلى جسدها قبل يوم القيامة ويتوفى نفس النائم ثم يرسلها إلى جسدها إلى بقية أجلها (كتاب الروح) وقد دل هذا التفسير على التقاء أرواح الأحياء والأموات ففى المنام يرى الحى الميت فى المنام فيسأله وبخبره الميت بما لا علم سابقاً له من قبل.
ونتناول آراء العلماء فى الحلم على التوالى مع محاولة الشرح والتفصيل والتبسيط كلما استطعنا ذلك .
يرى الإمام محمد بن سرين فى كتابه تفسير الأحلام لما فى ذلك الكتاب من معلومات قيمة ولما لهذا العالم الجليل من علم وقدره فى هذا الموضوع.
يقول بن سرين .. اعلم وفقك الله أن مما يحتاج إليه المبتدى أن جميع ما يرى فى المنام على قسمين : فقسم من الله تعالى ، وقسم من الشيطان لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان).
والمضاف إلى الله تعالى من ذلك هو الصالح، وإن كان جميعه، أى الصادقة وغيرها، خلقا لله تعالى، وأن الصالح من ذلك هو الصادق الذى جاء بالبشارة والنذارة، وهو الذى قدره النبى صلى الله عليه وسلم جزاء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة، وأن الكافرين وفساق المؤمنين قد يرون الرؤيا الصادقة وأن المكروه من المنامات هو الذى يضاف إلى الشيطان الذى أمر النبى صلى الله عليه وسلم بكتمانه والتفل عن يساره ووعد فاعل ذلك أنها لا تضره .
وأن ذلك المكروه ما كان ترويعاً أو تحزيناً باطلا أو حلما يؤدى إلى الفتنة والخديعة والغيرة، دون التحذير من الذنوب والتنبيه على الغفلات والزجر على الأعمال المهلكات.
إذ لا يليق ذلك بالشيطان الآمر بالفحشاء، وإنما إضافة أباطيل الأحلام إلى الشيطان على أنه هو الداعى إليها، وأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لجميع ما يرى فى المنام من خير أو شر ، وأن اختلاف الموجب للغسل مضاف إلى الشيطان وكذلك ما تراءى من حديث النفس وآمالها وتخويفها وأحزانها مما لا حكمة فيه تدل على ما يؤول أمر رائيه إليه.
وكذلك ما يغشى قلب النائم الممتلئ من الطعام أو الخالى منه كالذى يصيبه عن ذلك فى اليقظة إذ لا دلالة منه ولا فائدة فيه وليس للطبع فيه صنع ولا للطعام فيه حكم ولا للشيطان مع ما يضاف إليه منه خلق وإنما ذلك خلق الله سبحانه، قد أجرى العادة أن يخلق الرؤيا الصادقة عند حضور الملك الموكل بها فتضاف بذلك إليه، وأن الله تعالى يخلق أباطيل الأحلام عند حضور الشيطان فتضاف بذلك إليه وأن الكاذب على منامه فقد على الله عز وجل ، وأن الرائى لا ينبغى له أن يقص رؤياه إلا على عالم أو ناصح أو ذى رأى من أهله كما روى فى بعض الخبر.
والأمام بن سرين يوضح لنا ما يجب معرفته عن الرؤيا وإنها إما من عند الله سبحانه فهى صادقة وإما من عند الشيطان يلقى فيها بالباطل والرؤيا الصادقة هدفها البشارة والنذارة ورؤيا الشيطان أمر بالفحشاء والمنكر .
وان الرؤيا فى النهاية خيرها وشرها بيد الله تعالى ومن قدرة الله مهما كان مصدرها ويستكمل بن سرين فى كتابه تفسير الأحلام قائلا تحت باب ما يستحب عند سماع الرؤيا .
وان العابر يستحب له عند سماع الرؤيا من رائيها وعند إمساكه عن تأويلها لكراهتها ولقصور معرفته عن معرفتها أن يقول : خير لك ، وشر لأعدائك خير تؤتاه وشر تتوقاه، هذا إذا ظن أن الرؤيا تخص الرائى.
وإن ظن أن الرؤيا للعالم، قال خير لنا، وشر لعدونا ، خير نؤتاه وشر نتوقاه والخير لنا والشر لعدونا.
وأن عبارة الرؤيا بالغدوات احسن لحضور فهم عابرها وتذكار رائيها لأن الفهم أوجد ما يكون عند الغدوات من قبل اقترافه فى همومه ومطالبه، مع قول النبى صلى الله عليه وسلم "اللهم بارك لأمتى فى بكورها" .
وان العبارة قياس واعتبار وتشبه وطن لا يعتبر بها ولا يختلف على عينها إلا أن يظهر فى اليقظة صدقها أو يرى برهانها وان التأويل بالمعنى أو باشتقاق الأسماء .
وان العابر لا ينبغى له أن يستغنى عن عبارته بزاجر فى اليقظة بزجره ولا يعول عند ذلك بسمعه ولا بحساب من حساب المنجمين يحسبه، وان النبى صلى الله عليه وسلم لا يتمثل به فى المنام شيطان وان من رآه فقد رآه حقاً.
وان الميت فى دار حق مما قاله فى المنام فحق ما سلم من الفتنة والعزة وكذلك الطفل الذى لا يعرف الكذب وكذلك الدواب وسائر الحيوان الأعجم إذا تكلم فقوله حق وكلام مالا يتكلم آية وأعجوبة وكل كذاب فى اليقظة كالمنجم والكاهن وكذلك قوله فى المنام كذب.
وان الجنب والسكران ومن غفل فى الجوارى والغلمان قد تصدق رؤياهم فى بعض الأحيان وأن تسلط الشيطان عليهم بالأحلام فى سائر الزمان .
وان الكذاب فى أحاديث اليقظة قد يكذب عامة رؤياه وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثاً .
وان العابر لا يضع بيده فى الرؤيا إلا على ما تعلقت أمثاله ببشارة أو نذارة أو تنبيه أو ينفعه فى الدنيا والآخرة ويطرح ما سوى ذلك لئلا يكون ضغثا أو حشواً مضافا إلى الشيطان .
وان العابر يحتاج إلى اعتبار القرآن .. وأمثاله ومعانيه واضحة كقوله تعالى فى الجبل (واعتصموا بحبل الله جميعاً) سورة آل عمران، وقوله فى المنافقين (كأنهم خشب مسندة) "سورة المنافقون" وهكذا .
وانه يحتاج أى العابر أيضاً إلى معرفة أمثال الأنبياء والحكماء وانه يحتاج أيضا إلى اعتبار أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وأمثاله فى التأويل كقوله: (خمس غواسق) وذكر الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور وقوله فى النساء (إياك والقوارير) وقوله (المرأة خلقت من ضلع).
ويحتاج العابر أيضا إلى الأمثال المبتذلة كقول إبراهيم عليه السلام لإسماعيل "غيَّر أسكفة الباب" ، أى طلق زوجتك. وقول المسيح عليه السلام وقد دخل على عاهرة يعظها : إنما يدخل الطبيب على المريض يعنى بالطبيب العالم وبالمريض المذنب الجاهل.. وقول لقمان لابنه : بدل فراشك يعنى زوجتك ، وقول أبى هريرة حين سمع قائلا يقول خرج الرجال فقال: كذبة كذبها الصباغون يعنى الكذابين.
وانه محتاج مع الرجز والشعر إلى اعتبار معانيه ليقوى بذلك على معانى أمثال المنام كقول الشاعر:
وداع دعانى للندى وزجاجة .. تحسيتها لم تف ماء ولا خمراً
يعنى بالداعى ودعوة الغنى والزجاجة فم المرأة وكقول آخر :
ليس للنرجس عهد إنما العهد للأسى
وكقول الآخر :
أنت ورد وبقاء السورد شهر لا شهور
وهواى الآسى والآسى على الدهر صبور
فينسبه بذلك إلى قله لقاء الورد والنرجس ودوام الآسى وبقائه ويتأول ذلك بذلك فى الرؤيا إذ جاء فيها .
وانه يحتاج إلى اشتقاق اللغة ومعانى الأسماء كالكفر اصله التغطية والمغفرة أصلها الستر والظلم وضع الشىء فى غير موضعه والفسق الخروج والبروز ونحو ذلك .
وانه يحتاج إلى إصلاح حاله وطعامه وشرابه وإخلاصه فى أعماله ليرث بذلك حسن التوسم فى الناس عند التغير .
وان الرؤيا الصادقة قسمان، قسم مفسر ظاهر لا يحتاج إلى تعبير ولا تفسير وقسم مكنى مضمر تودع فيه الحكمة والأنباء فى جواهر مرئياته:
وما كان له طبع بالليل وطبع بالنهار عبر عنه فى رؤية الليل بطبعه وفى رؤية النهار بعادته كالشمس والقمر والكواكب والسرج والنور والظلمة والقنافذ والخفاش وأمثال ذلك .
ومن كانت له فى الناس عادة لازمته من المرئيات فى سائر الأزمان أو فى وقت منها ترك فيها وعادته التى عوده ربه تعالى : كالذى اعتاد إذا أكل اللحم فى المنام أكله وإذا رأى الدراهم دخلت عليه أفاد مثلها فى اليقظة وإذا رأى الأمطار رآها فى اليقظة أو يكون عادته فى ذلك وفى غيره على ضده وعلى خلاف ما فى الأصول .

والله يامجدى اللى حاصل دلوقتى مخالف وبحس فيه بتفاهة الناس

فيه نكته بتقول

واحد اتصل ببرنامج من اللى بيفسروا الاحلام

فقاله ياعم الشيخ انا حلمت انى اتوظفت

قاله يابنى هو لو فيه وظايف كنت انا فسرت احلام

ربنا يخليك يا ابو حبيبه

» الحلم البرتغالي مستمر بنهائي براجا وبورتو في الدوري الأوروبي
» الدين
» روائع زين الدين زيدان
» المهندس جلال الدين السد صقر
» اسأل المهندس جلال الدين السيد صقر