فائدة من جزء عم (فوائد منتقاة من تفسير الحافظ ابن كثير )(الصفحة الثانية)
2 مشترك
كاتب الموضوع
رسالة
السفير المراقب العام
تاريخ التسجيل : 03/08/2010 عدد المساهمات : 9009 نقاط : 16442
المزاج : اهلاوى للابد(( الاهلى فى دمى ))
موضوع: فائدة من جزء عم (فوائد منتقاة من تفسير الحافظ ابن كثير )(الصفحة الثانية) الأحد أكتوبر 16, 2011 9:42 pm
[size=18]بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: فهذه مجموعة من الفوائد لجزء عم انتقيتها من تفسير الحافظ ابن كثير - رحمه الله- لنفسي ولمن شاء من المسلمين ، ووضعت لها عنوانا مناسبا من عندي، وذكرت اسم السورة و رقم الآية بعدها مباشرة ؛ حتى يعلم مكانها من التفسير بالرغم من اختلاف الطبعة، أسأل الله أن ينفع بها وألا يحرمنا الأجر. سورة التكوير
وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ
18- وقوله: { وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ } قال عكرمة، ومجاهد: عشار الإبل. قال مجاهد: { عُطِّلَت } تركت وسُيّبت. وقال أبي بن كعب، والضحاك: أهملها أهلها: وقال الربيع بن خُثَيم لم تحلب ولم تُصَرّ، تخلى منها أربابها. وقال الضحاك: تركت لا راعي لها. والمعنى في هذا كله متقارب. والمقصود أن العشار من الإبل- وهي: خيارها والحوامل منها التي قد وَصَلت في حملها إلى الشهر العاشر- واحدها عُشَراء، ولا يزال ذلك اسمها حتى تضع- قد اشتغل الناس عنها وعن كفالتها والانتفاع بها، بعد ما كانوا أرغب شيء فيها، بما دَهَمهم من الأمر العظيم المُفظع الهائل، وهو أمر القيامة وانعقاد أسبابها، ووقوع مقدماتها. وقيل: بل يكون ذلك يوم القيامة، يراها أصحابها كذلك ولا سبيل لهم إليها. وقد قيل في العشار: إنها السحاب يُعطَّل عن المسير بين السماء والأرض، لخراب الدنيا. و[قد] قيل: إنها الأرض التي تُعشَّر. وقيل: إنها الديار التي كانت تسكن تُعَطَّل لذهاب أهلها. حكى هذه الأقوال كلها الإمام أبو عبد الله القرطبي في كتابه "التذكرة"، ورجح أنها الإبل، وعزاه إلى أكثر الناس. قلت: بل لا يعرف عن السلف والأئمة سواه، والله أعلم. (التكوير:4)
حُشِرَت
19- قال ابن جرير: والأولى قَولُ من قال: { حُشِرَت } جُمعت، قال الله تعالى: { وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً } [ص: 19]، أي: مجموعة. (التكوير:5) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ
20- وفي رواية عن النعمان قال: سئل عمر عن قوله تعالى: { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } فقال: يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار، فذلك تزويج الأنفس. وفي رواية عن النعمان أن عمر قال للناس: ما تقولون في تفسير هذه الآية: { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } ؟ فسكتوا. قال: ولكن هو الرجل يزوج نظيره من أهل الجنة، والرجل يزوج نظيره من أهل النار، ثم قرأ: { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } وقال العوفي، عن ابن عباس في قوله: { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال: ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة. وقال ابن أبي نَجيح، عن مجاهد: { وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } قال: الأمثال من الناس جمع بينهم. وكذا قال الربيع بن خُثَيم والحسن، وقتادة. واختاره ابن جرير، وهو الصحيح. (التكوير:7)
فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِي الْكُنَّسِ
21- وقال ابن جرير: حدثنا ابن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، سمعت خالد بن عرعرة، سمعت عليا وسئل عن: { فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِي الْكُنَّسِ } فقال: هي النجوم، تخنِس بالنهار وتكنس بالليل. وحدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا وَكِيع، عن إسرائيل، عن سِماك، عن خالد، عن عليّ قال: هي النجوم. وهذا إسناد جيد صحيح إلى خالد بن عرعرة، وهو السهمي الكوفي، قال أبو حاتم الرازي: روي عن علي، وروى عنه سماك والقاسم بن عوف الشيباني ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا والله أعلم. ... وتوقف ابن جرير في قوله: { الْخُنَّسِ الْجَوَارِي الْكُنَّسِ } هل هو النجوم، أو الظباء وبقر الوحش؟ قال: ويحتمل أن يكون الجميع مرادا. (التكوير:16)
وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ
22- وقوله: { وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } فيه قولان: أحدهما: إقباله بظلامه. قال مجاهد: أظلم. وقال سعيد بن جبير: إذا نشأ. وقال الحسن البصري: إذا غَشى الناس. وكذا قال عطية العوفي. وقال علي بن أبي طلحة، والعوفي عن ابن عباس: { إِذَا عَسْعَسَ } إذا أدبر. وكذا قال مجاهد، وقتادة، والضحاك، وكذا قال زيد بن أسلم، وابنه عبد الرحمن: { إِذَا عَسْعَسَ } أي: إذا ذهب فتولى. وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البَخْتَري، سمع أبا عبد الرحمن السلمي قال: خرج علينا علي، رضي الله عنه، حين ثَوّب المثوب بصلاة الصبح فقال: أين السائلون عن الوتر: { وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } ؟ هذا حين أدبر حسن. وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله: { إِذَا عَسْعَسَ } إذا أدبر. قال لقوله: { وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } أي: أضاء، واستشهد بقول الشاعر أيضا: حَتّى إذا الصُّبحُ له تَنَفَّسا ... وانجابَ عَنها لَيلُها وعَسعَسَا أي: أدبر. وعندي أن المراد بقوله: { عَسْعَسَ } إذا أقبل، وإن كان يصح استعماله في الإدبار، لكن الإقبال هاهنا أنسب؛ كأنه أقسم تعالى بالليل وظلامه إذا أقبل، وبالفجر وضيائه إذا أشرق، كما قال: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى } [الليل: 1، 2]، وقال: { وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى } [الضحى: 1، 2]، وقال { فَالِقُ الإصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا } [الأنعام: 96]، وغير ذلك من الآيات. وقال كثير من علماء الأصول: إن لفظة "عسعس" تستعمل في الإقبال والإدبار على وجه الاشتراك، فعلى هذا يصح أن يراد كل منهما، والله أعلم. قال ابن جرير: وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب يزعم أن "عسعس": دنا من أوله وأظلم. وقال الفراء: كان أبو البلاد النحوي يُنشد بيتًا: عَسعَس حَتَّى لو يشاء ادّنا ... كانَ له من ضَوئه مَقبس ... يريد: لو يشاء إذ دنا، أدغم الذال في الدال. وقال الفراء: وكانوا يَرَون أن هذا البيت مصنوع (التكوير:17)
صفات جبريل عليه السلام
23- قال قتادة: { مُطَاعٍ ثَمَّ } أي: في السموات، يعني: ليس هو من أفناد الملائكة، بل هو من السادة والأشراف، مُعتَنى به، انتخب لهذه الرسالة العظيمة. وقوله: { أَمِينٍ } صفة لجبريل بالأمانة، وهذا عظيم جدا أن الرب عز وجل يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله: { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } قال الشعبي، وميمون بن مهران، وأبو صالح، ومن تقدم ذكرهم: المراد بقوله: { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } يعني: محمدا صلى الله عليه وسلم. (التكوير:21-22)
رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لجبريل
24- وقوله تعالى: { وَلَقَدْ رَآهُ بِالأفُقِ الْمُبِينِ } يعني: ولقد رأى محمدٌ جبريل الذي يأتيه بالرسالة عن الله عز وجل على الصورة التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح { بِالأفُقِ الْمُبِينِ } أي: البين، وهي الرؤية الأولى التي كانت بالبطحاء، وهي المذكورة في قوله: { عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إَلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } [النجم: 5 -10]، كما تقدم تفسيرُ ذلك وتقريره. والدليلُ أن المرادَ بذلك جبريل، عليه السلام. والظاهر- والله أعلم- أن هذه السورة نزلت قبل ليلة الإسراء؛ لأنه لم يذكر فيها إلا هذه الرؤية وهي الأولى، وأما الثانية وهي المذكورة في قوله: { وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى } [النجم: 13 -16]، فتلك إنما ذكرت في سورة "النجم"، وقد نزلت بعد[سورة] الإسراء.(التكوير: 23)
سورة الانفطار
تهديد وليس إرشاد
25- وقوله: { يَاأَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } ؟ : هذا تهديد، لا كما يتوهمه بعض الناس من أنه إرشاد إلى الجواب؛ حيث قال: { الْكَرِيمِ } حتى يقول قائلهم: غره كرمه. بل المعنى في هذه الآية: ما غرك يا ابن آدم بربك الكريم-أي: العظيم-حتى أقدمت على معصيته، وقابلته بما لا يليق؟.... قال البغوي: وقال بعض أهل الإشارة: إنما قال: { بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ } دون سائر أسمائه وصفاته، كأنه لقنه الإجابة. وهذا الذي تخيله هذا القائل ليس بطائل؛ لأنه إنما أتى باسمه { الْكَرِيم } ؛ لينبه على أنه لا ينبغي أن يُقَابَل الكريم بالأفعال القبيحة، وأعمال السوء..(الانفطار:6)
سورة المطففين وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ
26- قال النسائي وابن ماجة: أخبرنا محمد بن عقيل - زاد ابن ماجة: وعبد الرحمن بن بشر- قالا حدثنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، عن يزيد- هو ابن أبي سعيد النحوي، مولى قريش-عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما قدم نبي الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا فأنزل الله: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } فحسنَّوا الكيلَ بعد ذلك. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا جعفر بن النضر بن حماد، حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن عبد الله بن الحارث، عن هلال بن طلق قال: بينا أنا أسير مع ابن عمر فقلت: من أحسن الناس هيئةً وأوفاه كيلا ؟ أهل مكة أو المدينة ؟ قال: حق لهم، أما سمعت الله يقول: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } وقال ابن جرير: حدثنا أبو السائب، حدثنا ابن فضيل، عن ضرار، عن عبد الله المكتب، عن رجل، عن عبد الله قال: قال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، إن أهل المدينة ليوفون الكيل. قال: وما يمنعهم أن يوفوا الكيل وقد قال الله عز وجل: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } حتى بلغ: { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } فالمراد بالتطفيف هاهنا: البَخْس في المكيال والميزان، إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما بالنقصان إن قَضَاهم . ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخَسَار والهَلاك وهو الويل، بقوله: { الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ } أي: من الناس { يَسْتَوْفُونَ } أي: يأخذون حقهم بالوافي والزائد، { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } أي: ينقصون. والأحسن أن يجعل "كالوا" و "وزنوا" متعديا، ويكون هم في محل نصب، ومنهم من يجعلها ضميرا مؤكدا للمستتر في قوله: "كالوا" و "وزنوا"، ويحذف المفعول لدلالة الكلام عليه، وكلاهما متقارب.(المطففين:1-3)
يوم القيامة
27- ثم قال تعالى متوعدا لهم: { أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } ؟ أي: أما يخافُ أولئك من البعث والقيام بين يَدَي من يعلم السرائر والضمائر، في يوم عظيم الهول، كثير الفزع، جليل الخطب، من خسر فيه أدخل نارا حامية؟ وقوله: { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } أي: يقومون حفاة عراة غُرلا في موقف صعب حَرج ضيق ضنَك على المجرم، ويغشاهم من أمر الله-ما تَعْجزُ القوى والحواس عنه. قال الإمام مالك: عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " { يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه". رواه البخاري، من حديث مالك وعبد الله بن عون، كلاهما عن نافع، به . ورواه مسلم من الطريقين أيضا(المطففين:4-6)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ
28- والصحيح أن "سجينا" مأخوذ من السَّجن، وهو الضيق، فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق، وكل ما تعالى منها اتسع، فإن الأفلاك السبعة كل واحد منها أوسع وأعلى من الذي دونه، وكذلك الأرضون كل واحدة أوسع من التي دونها، حتى ينتهي السفول المطلق والمحل الأضيق إلى المركز في وسط الأرض السابعة. ولما كان مصير الفجار إلى جهنم وهي أسفل السافلين، كما قال تعالى: { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [التين]: 5، 6]. وقال هاهنا: { كَلا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } وهو يجمع الضيق والسفول، كما قال: { وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا } [الفرقان: 13]. وقوله: { كِتَابٌ مَرْقُومٌ } ليس تفسيرا لقوله: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي: مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه أحد ولا ينقص منه أحد؛ قاله محمد بن كعب القرظي. (المطففين:8-9)
29- وقوله: { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ } أي: إذا سمع كلام الله من الرسول، يكذب به، ويظن به ظن السوء، فيعتقد أنه مفتعل مجموع من كتب الأوائل، كما قال تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنزلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ } [النحل: 24]، وقال: { وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلا } [الفرقان: 5]، قال الله تعالى: { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي: ليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا، إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرَّيْن الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا؛ ولهذا قال تعالى: { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } والرين يعتري قلوبَ الكافرين، والغيم للأبرار، والغين للمقربين. (المطففين:13-14)
30- وقوله: { كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ } أي: لهم يوم القيامة مَنزلٌ ونزل سجين، ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم. قال الإمام أبو عبد الله الشافعي: [في] هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ. وهذا الذي قاله الإمام الشافعي، رحمه الله، في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة: 22، 23]. وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل في الدار الآخرة، رؤية بالأبصار في عَرَصات القيامة، وفي روضات الجنان الفاخرة. (المطففين: 15)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّون
31- والظاهر: أن عليين مأخوذ من العلو، وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع؛ ولهذا قال معظما أمره ومفخما شأنه: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّون } ثم قال مؤكدا لما كتب لهم: { كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ } وهم الملائكة، قاله قتادة. (المطففين: 18)
وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ
32- وقوله: { وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ } أي: ومزاج هذا الرحيق الموصوف من تسنيم، أي: من شراب يقال له تسنيم، وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه. قاله أبو صالح والضحاك؛ ولهذا قال: { عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ } أي: يشربها المقربون صِرْفًا، وتُمزَجُ لأصحاب اليمين مَزجًا. قاله ابن مسعود، وابن عباس، ومسروق، وقتادة، وغيرهم . (المطففين: 27)
سورة الانشقاق
وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
33- { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } أي: استمعت لربها وأطاعت أمره فيما أمرها به من الانشقاق { وَحُقَّتْ } أي: وحق لها أن تطيع أمره؛ لأنه العظيم الذي لا يُمانَع ولا يغالب، بل قد قهر كلّ شيء وذل له كل شيء.(الانشقاق:2)
الحساب اليسير
34- قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب، عن عبد الله بن أبي مُلَيْكة، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من نُوِقش الحساب عُذِّب". قالت: فقلت: أليس قال الله: { فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا } ؟ ، قال: "ليس ذاك بالحساب ولكن ذلك العَرْض، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب". وهكذا رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير، من حديث أيوب السختياني، به.... وقال أحمد: حدثنا إسماعيل، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثني عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة قالت: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته: "اللهم حاسبني حسابا يسيرا". فلما انصرف قلت: يا رسول الله، ما الحساب اليسير؟ قال: "أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه، إنه من نُوِقش الحسابَ يا عائشةُ يومئذ هَلَكَ". صحيح على شرط مسلم. (الانشقاق:
فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ
35- فالشفق هو: حمرة الأفق إما قبل طلوع الشمس- كما قاله مجاهد- وإما بعد غروبها- كما هو معروف عند أهل اللغة. قال الخليل بن أحمد: الشفق: الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب قيل: غاب الشفق. وقال الجوهري: الشفق: بقية ضوء الشمس وحمرتُها في أول الليل إلى قريب من العَتمَة. وكذا قال عكرمة: الشفق الذي يكون بين المغرب والعشاء. وفي صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وقت المغرب ما لم يغب الشفق" . ففي هذا كله دليل على أن الشفق هو كما قاله الجوهري والخليل. ولكن صح عن مجاهد أنه قال في هذه الآية: { فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ } هو النهار كله. وفي رواية عنه أيضا أنه قال: الشفق: الشمس. رواهما ابن أبي حاتم. وإنما حمله على هذا قَرْنهُ بقوله تعالى: { وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } أي: جمع. كأنه أقسم بالضياء والظلام. وقال ابن جرير: أقسم الله بالنهار مدبرًا، وبالليل مقبلا . وقال ابن جرير: وقال آخرون: الشفق اسم للحمرة والبياض. وقالوا: هو من الأضداد (الانشقاق:16-17)
لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ
36- وقوله: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال البخاري: أخبرنا سعيد بن النضر، أخبرنا هُشَيم، أخبرنا أبو بشر، عن مجاهد قال: قال ابن عباس: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } حالا بعد حال- قال هذا نبيكم صلى الله عليه وسلم. هكذا رواه البخاري بهذا اللفظ ، وهو محتمل أن يكون ابن عباس أسند هذا التفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم، كأنه قال: سمعت هذا من نبيكم صلى الله عليه وسلم، فيكون قوله: "نبيكم" مرفوعا على الفاعلية من " قال " وهو الأظهر، والله أعلم، كما قال أنس: لا يأتي عام إلا والذي بعده شَرٌّ منه، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم... ويحتمل أن يكون المراد: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } حالا بعد حال. قال: هذا، يعني المراد بهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم، فيكون مرفوعا على أن "هذا " و " نبيكم " يكونان مبتدأ وخبرا، والله أعلم. ولعل هذا قد يكون هو المتبادر إلى كثير من الرواة، كما قال أبو داود الطيالسي وغُنْدَر: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ } قال: محمد صلى الله عليه وسلم. ويؤيد هذا المعنى قراءةُ عمر، وابن مسعود، وابن عباس، وعامة أهل مكة والكوفة: "لَتَرْكَبَنّ" بفتح التاء والباء... ثم قال ابن جرير بعد ما حكى أقوال الناس في هذه الآية من القراء والمفسرين: والصواب من التأويل قول من قال لَتَرْكَبَنّ أنت- يا محمد- حالا بعد حال وأمرًا بعد أمر من الشَّدَائد. والمراد بذلك- وإن كان الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُوَجَّها - جَميعَ الناس، وأنهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأهواله أحوالا .(الانشقاق:19)
سورة البروج
البروج
37- واختار ابن جرير أنها: منازل الشمس والقمر، وهي اثنا عشر برجا، تسير الشمس في كل واحد منها شهرًا، ويسير القمر في كل واحد يومين وثلثا، فذلك ثمانية وعشرون منزلة ويستسرّ ليلتين.(البروج:1)
الشاهد والمشهود
38- ... وعن سعيد بن جبير: الشاهد: الله، وتلا { وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا } [النساء: 79]، والمشهود: نحن. حكاه البغوي، وقال: الأكثرون على أن الشاهد: يوم الجمعة، والمشهود: يوم عرفة. .(البروج:3)
قصة أصحاب الأخدود
39- وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صُهَيب: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر الساحر قال للملك: إني قد كبرت سِنِّي وحضر أجلي، فادفع إلي غلاما لأعلمه السحر... وهكذا رواه مسلم في آخر الصحيح عن هُدْبة بن خالد، عن حماد بن سلمة به نحوه ورواه النسائي عن أحمد بن سليمان، عن عفان، عن حماد بن سلمة ومن طريق حماد بن زيد، كلاهما عن ثابت، به واختصروا أوله. وقد جَوّده الإمام أبو عيسى الترمذي، فرواه في تفسير هذه السورة عن محمود بن غَيلانَ وعَبد بن حُمَيد-المعنى واحد- قالا أخبرنا عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن ثابت البُناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صُهَيب قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى العصر هَمَس- والهَمس في قول بعضهم: تحريك شفتيه كأنه يتكلم- فقيل له: إنك- يا رسول الله- إذا صليت العصر همست؟ قال: "إن نبيا من الأنبياء، كان أُعجِب بأمته فقال: من يقوم لهؤلاء؟. فأوحى الله إليه أن خيرهم بين أن أنتقم منهم، وبين أن أسلط عليهم عدوهم. فاختاروا النقمة، فسلَّط عليهم الموت، فمات منهم في يوم سبعون ألفا". قال: وكان إذا حَدّث بهذا الحديث، حَدّث بهذا الحديث الآخر قال: كان مَلك من الملوك، وكان لذلك الملك كاهن تكهن له، فقال الكاهن: انظروا لي غلامًا فَهِمًا- أو قال: فطنًا لَقنًا- فأعلمه علمي هذا فذكر القصة بتمامها، وقال في آخره يقول الله -عز وجل-: { قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ } حتى بلغ: { الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } قال: فأما الغلام فإنه دفن قال: فيذكر أنه أخرج في زمان عمر بن الخطاب، وإصبعه على صُدغه كما وضعها حين قتل. ثم قال الترمذي: حسن غريب. وهذا السياق ليس فيه صراحة أن سياق هذه القصة من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزِّي: فيحتمل أن يكون من كلام صُهَيب الرومي، فإنه كان عنده علم من أخبار النصارى، والله أعلم. (البروج:4) ... وهذا يقتضي أن هذه القصة كانت قديما بعد زمان إسماعيل، عليه السلام، بقرب من خمسمائة سنة أو نحوها، وما ذكره ابن إسحاق يقتضي أن قصتهم كانت في زمان الفترة التي بين عيسى ومحمد، عليهما من الله السلام، وهو أشبه، والله أعلم. وقد يحتمل أن ذلك قد وقع في العالم كثيرًا، كما قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو اليمان، أخبرنا صفوان، عن عبد الرحمن بن جبير قال: كانت الأخدود في اليمن زمان تبع، وفي القسطنطينية زمان قسطنطين حين صرف النصارى قبلتهم عن دين المسيح والتوحيد، فاتخذوا أتّونا، وألقى فيه النصارى الذين كانوا على دين المسيح والتوحيد. وفي العراق في أرض بابل بختنصر، الذي وضع الصنم وأمر الناس أن يسجدوا له، فامتنع دانيال وصاحباه: عزريا وميشائيل، فأوقد لهم أتونا وألقى فيه الحطب والنار، ثم ألقاهما فيه، فجعلها الله عليهما بردًا وسلاما، وأنقذهما منها، وألقى فيها الذين بغوا عليه وهم تسعة رهط، فأكلتهم النار. وقال أسباط، عن السدي في قوله: { قُتِلَ أَصْحَابُ الأخْدُودِ } قال: كانت الأخدود ثلاثة: خَدّ بالعراق، وخَدّ بالشام، وخَدّ باليمن. رواه ابن أبي حاتم. وعن مقاتل قال: كانت الأخدود ثلاثة: واحدة بنجران باليمن، والأخرى بالشام، والأخرى بفارس، أما التي بالشام فهو أنطنانوس الرومي، وأما التي بفارس فهو بختنصر، وأما التي بأرض العرب فهو يوسف ذو نواس. فأما التي بفارس والشام فلم ينزل الله فيهم قرآنا، وأنزل في التي كانت بنجران. (البروج:4)
قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة
40- وقوله: { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } أي: حَرقوا قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن أبْزَى. { ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا } أي: لم يقلعوا عما فعلوا، ويندموا على ما أسلفوا. { فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ } وذلك أن الجزاء من جنس العمل. قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة(البروج: 10)
إعراب المجيد
41- و { الْمَجِيدُ } فيه قراءتان: الرفع على أنه صفة للرب، عز وجل. والجر على أنه صفة للعرش، وكلاهما معنى صحيح. (البروج: 15)
سورة الطارق
الطارق
42- قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقا؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار. ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح: نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا أي: يأتيهم فجأة بالليل. وفي الحديث الآخر المشتمل على الدعاء: "إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن" (الطارق:1)
فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ
43- وقوله: { فَلْيَنْظُرِ الإنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ } تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خُلق منه، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد؛ لأن من قدر على البَدَاءة فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى، كما قال: { وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [الروم: 27]. وقوله: { خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ } يعني: المني؛ يخرج دَفقًا من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن الله، عز وجل؛ ولهذا قال: { يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ
إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ
44- وقوله: { إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } فيه قولان: أحدهما: على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك. قاله مجاهد،وعكرمة، وغيرهما. والقول الثاني: إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق، أي: إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر؛ لأن من قدر على البدء قدر على الإعادة. وقد ذكر الله، عز وجل، هذا الدليل في القرآن في غير ما موضع، وهذا القول قال به الضحاك، واختاره ابن جرير. ولهذا قال: { يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ } أي: يوم القيامة تبلى فيه السرائر، أي: تظهر وتبدو، ويبقى السر علانية والمكنون مشهورا. وقد ثبت في الصحيحين، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يرفع لكل غادر لواء عند استه يقال: هذه غَدْرَةُ فلان بن فلان". (الطارق:8-9)
وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ
45- قال ابن عباس: الرجع: المطر. وعنه: هو السحاب فيه المطر. وعنه: { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } تمطر ثم تمطر. وقال قتادة: ترجع رزق العباد كل عام، ولولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم. وقال ابن زيد: ترجع نجومها وشمسها وقمرها، يأتين من هاهنا. { وَالأرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ } قال ابن عباس: هو انصداعها عن النبات. وكذا قال سعيد بن جُبَير وعكرمة، وأبو مالك، والضحاك، والحسن، وقتادة، والسدي، وغير واحد. (الطارق:11-12)
سورة الأعلى
وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى
46- وقوله: { وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى } قال مجاهد: هدى الإنسان للشقاوة والسعادة، وهدى الأنعام لمراتعها. وهذه الآية كقوله تعالى إخبارا عن موسى أنه قال لفرعون: { رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه:5] أي: قدر قدرا، وهدى الخلائق إليه، كما ثبت في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عَمرو: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله قَدَّر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء.(الأعلى:3)
وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى
47- وقوله: { وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى } أي: من جميع صنوف النباتات والزروع، { فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى } قال ابن عباس: هشيما متغيرا. وعن مجاهد، وقتادة، وابن زيد، نحوه. قال ابن جرير: وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يرى أن ذلك من المؤخر الذي معناه التقديم، وأن معنى الكلام: والذي أخرج المرعى أحوى، أي: أخضر إلى السواد، فجعله غثاء بعد ذلك. ثم قال ابن جرير: وهذا وإن كان محتملا إلا أنه غير صواب؛ لمخالفته أقوال أهل التأويل. (الأعلى:4)
سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى
[color=blue]48- وقوله: { سَنُقْرِئُكَ } أي: يا محمد { فَلا تَنْسَى } وهذا إخبار من الله، عز وجل، ووعد منه له، بأنه سيقرئه قراءة لا ينساها، { إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ } وهذا اختيار ابن جرير. وقال قتادة: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا ينسى شيئا إلا ما شاء الله. وقيل: المراد بقوله: { فَلا تَنْسَى } طلب، وجعلوا معنى الاستثناء على هذا ما يقع من النسخ، أي: لا تنسى ما نقرئك إلا ما شاء الله رفعه؛ فلا عليك أن تتركه. (الأعلى:6) olor=red]الأدب في نشر العلم
49- وقوله: { فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى } أي: ذكِّر حيث تنفع التذكرة. ومن هاهنا يؤخذ الأدب في نشر العلم، فلا يضعه عند غير أهله، كما قال أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه: ما أنت بمحدِّث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم. وقال: حدث الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله؟!(الأعلى:9) ]
سورة الغاشية الغاشية: 50-من أسماء يوم القيامة. قاله ابن عباس، وقتادة، وابن زيد؛ لأنها تغشى الناس وتَعُمّهم.(الغاشية:1)
فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ
51- { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } أي: سارحة. وهذه نكرة في سياق الإثبات، وليس المراد بها عينا واحدة، وإنما هذا جنس، يعني: فيها عيون جاريات. .(الغاشية:12)
52- يقول تعالى آمرًا عباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته: { أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } ؟ فإنها خَلق عجيب، وتركيبها غريب، فإنها في غاية القوة والشدة، وهي مع ذلك تلين للحمل الثقيل، وتنقاد للقائد الضعيف، وتؤكل، وينتفع بوبرها، ويشرب لبنها. ونبهوا بذلك لأن العرب غالب دوابهم كانت الإبل، وكان شريح القاضي يقول: اخرجوا بنا حتى ننظر إلى الإبل كيف خلقت، وإلى السماء كيف رفعت؟ أي: كيف رفعها الله، عز وجل، عن الأرض هذا الرفع العظيم، كما قال تعالى: { أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ } [ق:6]. { وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ } أي: جعلت منصوبة قائمة ثابتة راسية لئلا تميد الأرض بأهلها، وجعل فيها ما جعل من المنافع والمعادن. { وَإِلَى الأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ } ؟ أي: كيف بسطت ومدت ومهدت، فنبَّه البدوي على الاستدلال بما يشاهده من بعيره الذي هو راكب عليه، والسماء التي فوق رأسه، والجبل الذي تجاهه، والأرض التي تحته-على قدرة خالق ذلك وصانعه، وأنه الرب العظيم الخالق المتصرف المالك، وأنه الإله الذي لا يستحق العبادة سواه. وهكذا أقسم "ضِمَام" في سؤاله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما رواه الإمام أحمد (الغاشية: 17)
سورة الفجر
ما المراد بالفجر وليال عشر؟
53- أما الفجر فمعروف، وهو: الصبح. قاله علي، وابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والسدي. وعن مسروق، ومجاهد، ومحمد بن كعب: المراد به فجر يوم النحر خاصة، وهو خاتمة الليالي العشر. وقيل: المراد بذلك الصلاة التي تفعل عنده، كما قاله عكرمة. وقيل: المراد به جميع النهار. وهو رواية عن ابن عباس. والليالي العشر: المراد بها عشر ذي الحجة. كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد، وغير واحد من السلف والخلف. وقد ثبت في صحيح البخاري، عن ابن عباس مرفوعا: "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام" -يعني عشر ذي الحجة -قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: "ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلا خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء" وقيل: المراد بذلك العشر الأول من المحرم، حكاه أبو جعفر ابن جرير ولم يعزه إلى أحد وقد روى أبو كُدَيْنة، عن قابوس بن أبي ظِبْيان، عن أبيه، عن ابن عباس: { وَلَيَالٍ عَشْرٍ } قال: هو العشر الأول من رمضان.والصحيح القول الأول؛(الفجر:1-2)
{ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ }
54- وقوله: { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } قد تقدم في هذا الحديث أن الوتر يوم عرفة، لكونه التاسع، وأن الشفع يوم النحر لكونه العاشر قول ثان: الشفع يوم عرفة، والوتر ليلة الأضحى. قول ثالث: الشفع قول الله، عز وجل: { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } والوتر قوله: { وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ } [البقرة: 203] . قول رابع: الخلق كلهم شفع، ووتر، أقسم تعالى بخلقه. وهو رواية عن مجاهد، والمشهور عنه الأول. قول خامس: عن مجاهد: { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } قال: الشفع الزوج، والوتر: الله عز وجل. قول سادس: قال قتادة، عن الحسن: { وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ } هو العدد، منه شفع ومنه وتر. قول سابع: "الشفع اليومان، والوتر اليوم الثالث" ولم يجزم ابن جرير بشيء من هذه الأقوال في الشفع والوتر. (الفجر: 3). بتصرف كبير.
{ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ }
55- وقوله: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } قال العوفي، عن ابن عباس: أي إذا ذهب. وقال عبد الله بن الزبير: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } حتى يذهب بعضه بعضا. وقال مجاهد، وأبو العالية، وقتادة، ومالك، عن زيد بن أسلم وابن زيد: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } إذا سار. وهذا يمكن حمله على ما قاله ابن عباس، أي: ذهب. ويحتمل أن يكون المراد إذا سار، أي: أقبل. وقد يقال: إن هذا أنسب؛ لأنه في مقابلة قوله: { وَالْفَجْرِ } فإن الفجر هو إقبال النهار وإدبار الليل، فإذا حمل قوله: { وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ } على إقباله كان قَسَمًا بإقبال الليل وإدبار النهار، وبالعكس، كقوله: { وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } [التكوير:17، 18]. وكذا قال الضحاك: { [وَاللَّيْلِ ] إِذَا يَسْرِ } أي: يجري. (الفجر: 4)
{ هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ }
56- وقوله: { هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ } أي: لذي عقل ولب وحجا [ودين]وإنما سمي العقل حجْرًا لأنه يمنع الإنسان من تعاطي ما لا يليق به من الأفعال والأقوال، ومنه حجْرُ البيت لأنه يمنع الطائف من اللصوق بجداره الشامي. ومنه حجر اليمامة، وحَجَرَ الحاكم على فلان: إذا منعه التصرف، { وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا } [الفرقان:22]، كل هذا من قبيل واحد، ومعنى متقارب، وهذا القسم هو بأوقات العبادة، وبنفس العبادة من حج وصلاة وغير ذلك من أنواع القرب التي يتقرب بها [إليه عباده] المتقون المطيعون له، الخائفون منه، المتواضعون لديه، الخاشعون لوجهه الكريم. (الفجر: 5)
{ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ }
57- وقوله: { ذَاتِ الْعِمَادِ } لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشِّعر التي ترفع بالأعمدة الشداد، وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشا، ولهذا ذكَّرهم هود بتلك النعمة وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم، فقال: { وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ [لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ] } [الأعراف:69]. وقال تعالى: { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } [فصلت:15]، وقال هاهنا: { الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ } أي: القبيلة التي لم يخلق مثلها في بلادهم، لقوتهم وشدتهم وعظم تركيبهم. قال مجاهد: إرم: أمة قديمة. يعني: عادا الأولى، كما قال قتادة بن دعامة، والسُّدِّيُّ: إن إرم بيت مملكة عاد. وهذا قول حسن جيد قوي. وقال مجاهد، وقتادة، والكلبي في قوله: { ذَاتِ الْعِمَادِ } كانوا أهل عمود لا يقيمون. وقال العوفي، عن ابن عباس: إنما قيل لهم: { ذَاتِ الْعِمَادِ } لطولهم. واختار الأول ابنُ جرير، ورد الثاني فأصاب. (الفجر: 7)
تصحيح خطأ لدي بعض المفسرين والرد على الإسرائيليات
58- وقوله: { الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ } أعاد ابن زيد الضميرَ على العماد؛ لارتفاعها، وقال: بنوا عُمُدا بالأحقاف لم يخلق مثلها في البلاد. وأما قتادة وابن جرير فأعاد الضمير على القبيلة، أي: لم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد، يعني في زمانهم. وهذا القول هو الصواب، وقول ابن زيد ومن ذهب مذهبه ضعيف؛ لأنه لو كان أراد ذلك لقال: التي لم يعمل مثلها في البلاد، وإنما قال: { لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ }... قلت: فعلى كل قول سواء كانت العماد أبنية بنوها، أو أعمدة بيوتهم للبدو، أو سلاحا يقاتلون به، أو طول الواحد منهم -فهم قبيلة وأمة من الأمم، وهم المذكورون في القرآن في غير ما موضع، المقرونون بثمود كما هاهنا، والله أعلم. ومن زعم أن المراد بقوله: { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } مدينة إما دمشق، كما روي عن سعيد بن المسيب وعكرمة، أو إسكندرية كما رُوي عن القُرَظي أو غيرهما، ففيه نظر، فإنه كيف يلتئم الكلام على هذا: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } إن جعل ذلك بدلا أو عطف بيان، فإنه لا يتسق الكلام حينئذ. ثم المراد إنما هو الإخبار عن إهلاك القبيلة المسماة بعاد، وما أحل الله بهم من بأسه الذي لا يُرَد، لا أن المراد الإخبار عن مدينة أو إقليم. وإنما نبهت على ذلك لئلا يُغْتَرَّ بكثير مما ذكره جماعة من المفسرين عند هذه الآية، من ذكر مدينة يقال لها: { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } مبنية بلبن الذهب والفضة، قصورها ودورها وبساتينها، وإن حصباءها لآلئ وجواهر، وترابها بنادق المسك، وأنهارها سارحة، وثمارها ساقطة، ودورها لا أنيس بها، وسورها وأبوابها تصفر، ليس بها داع ولا مجيب. وأنها تنتقل فتارة تكون بأرض الشام، وتارة باليمن، وتارة بالعراق، وتارة بغير ذلك من البلاد - فإن هذا كله من خرافات الإسرائيليين، من وضع بعض زنادقتهم، ليختبروا بذلك عقول الجهلة من الناس أن تصدقهم في جميع ذلك. وذكر الثعلبي وغيره أن رجلا من الأعراب - وهو عبد الله بن قِلابة- في زمان معاوية ذهب في طلب أباعر له شردت، فبينما هو يتيه في ابتغائها، إذ طلع على مدينة عظيمة لها سور وأبواب، فدخلها فوجد فيها قريبًا مما ذكرناه من صفات المدينة الذهبية التي تقدم ذكرها، وأنه رجع فأخبر الناس، فذهبوا معه إلى المكان الذي قال فلم يروا شيئا. وقد ذكر ابن أبي حاتم قصة { إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ } هاهنا مطولة جدا، فهذه الحكاية ليس يصح إسنادها، ولو صح إلى ذلك الأعرابي فقد يكون اختلق ذلك، أو أنه أصابه نوع من الهَوَس والخبال فاعتقد أن ذلك له حقيقة في الخارج، وليس كذلك. وهذا مما يقطع بعدم صحته. وهذا قريب مما يخبر به كثير من الجهلة والطامعين والمتحيلين، من وجود مطالب تحت الأرض، فيها قناطير الذهب والفضة، وألوان الجواهر واليواقيت واللآلئ والإكسير الكبير، لكن عليها موانع تمنع من الوصول إليها والأخذ منها، فيحتالون على أموال الأغنياء والضعفة والسفهاء، فيأكلونها بالباطل في صرفها في بخاخير وعقاقير، ونحو ذلك من الهذيانات، ويَطْنزون بهم. والذي يجزم به أن في الأرض دفائن جاهلية وإسلامية وكنوزًا كثيرة، من ظفر بشيء منها أمكنه تحويله فأما على الصفة التي زعموها فكذب وافتراء وبهت، ولم يصح في ذلك شيء مما يقولون إلا عن نقلهم أو نقل من أخذ عنهم، والله سبحانه وتعالى الهادي للصواب. وقولُ ابن جرير: يحتمل أن يكون المراد بقوله: { إِرَمَ } قبيلة أو بلدة كانت عاد تسكنها فلذلك لم تُصرَف فيه نظر؛ لأن المراد من السياق إنما هو الإخبار عن القبيلة، ولهذا قال بعده: { وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ } (الفجر:
الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب
59- قال الله: { كَلا } أي: ليس الأمر كما زعم، لا في هذا ولا في هذا، فإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ويضيق على من يحب ومن لا يحب، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كل من الحالين، إذا كان غنيا بأن يشكر الله على ذلك، وإذا كان فقيرًا بأن يصبر. (الفجر: 17)
60- ثم اختلف المفسرون فيمن نزلت هذه الآية، فروى الضحاك، عن ابن عباس: نزلت في عثمان بن عفان. وعن بُرَيدة بن الحصيب: نزلت في حمزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه. وقال العوفي، عن ابن عباس: يقال للأرواح المطمئنة يوم القيامة: { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ } يعني: صاحبك، وهو بدنها الذي كانت تعمره في الدنيا، { رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً } وروي عنه أنه كان يَقرؤها: "فادخلي في عبدي وادخلي جنتي". وكذا قال عكرمة والكلبي، واختاره ابن جرير، وهو غريب، والظاهر الأول؛ لقوله: { ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ } [الأنعام:62]{ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ } [غافر:43] أي: إلى حكمه والوقوف بين يديه. (الفجر: 27)
احمد الديش نائب المدير العام
العمر : 31 تاريخ التسجيل : 19/12/2009 عدد المساهمات : 25531 نقاط : 35491
المزاج : اهلاوى منذ الصغر الموقع : realahmed85@yahoo.com
موضوع: رد: فائدة من جزء عم (فوائد منتقاة من تفسير الحافظ ابن كثير )(الصفحة الثانية) الجمعة أكتوبر 21, 2011 6:30 pm
فائدة من جزء عم (فوائد منتقاة من تفسير الحافظ ابن كثير )(الصفحة الثانية)