[size=24
:سهام الحب لا تخطىء ... حوار مع صديقى
أخذ بيدى يجرها إليه .. وقال لى: "ممكن اتكلم معاك شوية".
قلت له: "أوامرك يا كبير.. خمس شويات.. مش شوية واحدة".
فأخذى صديق الدراسة (أ. ر) بعيداً عن قاعة التدريس وقرأ على بعض من كلماته وخواطره فى الحب .. حقيقة أعجبت بها ولم أتوقع أن صديقنا له القدرة على الكتابة والتعبير بهذا الجمال .. وجعل يسرد فى الكلام والفضفضة عن الحب هذا الشعور الروحانى الى يملك عليك كل حواسك وعن عدم فهم الناس لكنه الحب الحقيقى الذى يجعلك تضحى بالغال والنفيس من أجل محبوبك ..
يذكر أن صديقنا قد عاتبته عتاباً شديداً وأغلظت له القول وذلك عندما وجدته من قبل مع فتاة فى القطار.
فهو جاء اليوم ليصحح لى المفهوم عن لومى وعتابى له على علاقته بتلك الفتاة.
وقال لى صديقى: إن حبى طاهر وهو بعيد عن النظرات الجنسية التى تدور فى أهان الناس عندما يرونا مع بعضنا..
فلما أنهى كلامه، أحسست أن صديقى صادق فى مشاعره .. وقلت له: "اسمع منى أخى الحبيب:إن الحب هو شعور بالارتياح والأمان ناحية شىء معين أو شخص ما والحب يفرغ مشاعر الإنسان الكامنة من حاجة إلى حنان وفضفضة وصدر واسع وهذا الشعور يحتاجه كل من فى الكون ولا شك، لذلك لا تستقيم الحياة بدون الحب..
فإنك صاحبت زميلة لك وشعرت معها بالأمان وارتحت لها وارتاحت إليك... كان ذلك تفريعا لتلك العاطفة الكامنة التى هى بحاجة إلى الحرية والطيران.. وهذا هو الطبيعى.. فمن لم يجد له حبيب يبحث عن حبيب فنجد أناسا ليس لهم أصدقاء ولا محبين يصاحبوا الكلاب والقطط ويكون الكلب عنده هو كل حياته ولا يستطيع أن يستغنى عنه أبداً وإن حدث لكلبه مكروه يكان يجن جنونه.
ولكن..
إن للحب سهام
نعم سهام أينما وجهتها أصابت بلاشك ..
سألنى يعنى إيه سهام
قلت له:.. سهم يوجه المحب إلأى من يريد أن يحب
• فأنت مثلاً وجهت أحد سهام الحب عنك إلى زميلتك فى الدراسة.. فأنت الآن تشعر بذلك الشعور الجميل الذى يصنعه الحب مع الأحبة.. فهو كالسهم الذى لا يخطىء أبداً..
• ولقد وجه سلفنا الصالح هذا السهم الخطير وجعلوه بينهم وبين خالقهم ..فامتلك الخالق حياتهم فصاروا لا يروا إلا بنور الله ولا يتكلموا إلا برضا الله فعاشوا لله وبالله وزهدوا فى الدنيا وعافت نفوسهم الملذات...
• ووجهه قيس بن الملوح المشهور بينه وبين ليلى المخزومية فكان لا يرى إلا ليلى حتى مرض مرضاً شديداً حتى ذُهب به إلى الحج لعله يبرأ من سقمه .. فرآى رجلا عند أستار الكعبة يدعوا لنفسه ولزوجته التى تصادف أن اسمها (ليلى) على اسم محبوبته.. فجن جنون المجنون وارتجل منشداً:
وداع دعا إ نحن بالخيف من منى ... فهيج أطراب الفؤاد وما يدرى
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ... أطار طائرا كان فى صدرى
• وجهه الصحابة بينهم وبين رسول الله حتى إنهم حموه بظهورهم فى (أحد) والنبال تنهال على ظهورهم حتى يحنى (طلحة) ظهره لرسول الله ليصعد عليها مكان مرتفع فى الجبل.
• وجهه كلب ضعير فى بينه وبين أمه ليقف فى طريق السيارات فى لندن ليطلب النجدة لأمه المصابة.. غير كترث بما قد يلحق به من موت محق هو وأمه المجروجة.
هكذا يقوم الحب بعمله على أكمل وجه مع أى أحد.. فقط أنت وجه السهم وهو لن يخطىء.
فحينما يهيم قيس على وجهه مجنونا بحب ليلاه... يهيم آخر باكيا ساجدا فى حب مولاه... ويهيم آخر ويجن لفقده كلب أو هرٍ كان يرعاه
****
الحب هو الذى يصنع الغرائب والعجائب..
الحب الذى يملك القلوب والعقول فلا يريد المحب إلا رضا من يحب حتى إن المرء ليحشر مع من أحب يوم القيامة ..
• فها هو أبوبكر صديق الأمة يقول للنبى الكريم عند فى رحلة الهجرة :"أنا لو مت فأنا فرد أما أنت يارسول الله فموتك بأمة" .
• الحب الذى من أجله يسافر عنترة للمهالك ليأتى بمهر محبوبته (عبلة) .
• الحب الذى يجعل الأم تضحى بحياتها من أجل وليدها الصغير.
إنه شعور يعلوا عن الوصف فالكون قائم به .. وقائم عليه.
أى احساس فريد ذلك الذى يحسه المحب.. الذى يعرج به معارج الكمال.. ويأخذه من دنياه إلى عالم الصدق والتضحية والسمو الإنسانى الفريد؛ فالحب الذى هو منبع كل الصفات الحسنة.
****
قالى لى: إذا فأنا غير ملام على هذا الحب بينى وبين زميلتى.. فأنا لا أستطيع اعيش من دونها.. فقد امتلك حبها حياتى.
قلت له: لا بل أنت ملام كل اللوم على حبك هذا.. فانت المسئول ولاغيرك عند توجيه سهامك، ولقد أعطاك الله وحياً ونبياً وعقلاً وضميراً تساعدك وتوجهك فى تصويب سهامك تلك، ولقد اخترت توجيه أحد سهامك إلى وجهه غير شرعية لا يرضى عنها البارى،
كيف لا ألومك .. فأنت تملك السهام ومعك كل الخيارات لتصوب ..
فأنت وحدك مسئول عن نتيجة تصويبك
فقال لى: للحديث بقية .. وسأفكر فى كلامك
****
وبعد،
فإلى من وجهك سهامك أخى الحبيب ؟![/size]