العمر : 39 تاريخ التسجيل : 21/02/2010 عدد المساهمات : 75 نقاط : 5505
المزاج : مجروح
موضوع: غلطة العمر الأحد يونيو 13, 2010 12:50 pm
وهكذا وبعد إصرار أهلها على زواجها رضخت حياة لإرادتهم فتزوجت وذهبت إلى بيت زوجها لتبدأ هناك حياة جديدة تاركة ولدها الصغير غريب ينمو ويكبر في كنف أهلها وكانت تزوره بين الحين والحين وتحنو عليه، ولم يكن زوجها يمنعها من ذلك مع علمه بحكايتها وبالذي جرى لها فيما مضى من حياتها.
مرّت السنين وكبر غريب في بيت جده وجدته إلى أن أصبح شاباً يبلغ الثانية والعشرين من العمر، وكان غريب قد علم مع مرور الوقت من جدته حكاية أمه مع والده المجهول، وهو منذ أن كبر وأدرك أمور الحياة كانت تجول في رأسه دائما فكرة السفر خارج البلاد هرباً من الوضع الذي كان يعيشه وفراراً من الناس ومن ألسنتهم اللاذعة لعلّه بذلك السفر يريح نفسه من الهموم والمشاكل التي كانت تواجهه كل يوم.
وهكذا كان ففي فترة وجيزة من الزمن كان غريب قد جهز كل شيء وسافر إلى أحد بلاد أوروبا.
لم يمضي على وجود غريب في ذلك البلد الأوروبي بضعة أشهر حتى تعرف هناك على فتاة تبلغ من العمر تسعة عشر عاماً، وكانت تلك الفتاة تعيش وحيدة في منزلها الخاص وتفهم وتتكلم اللغة العربية بقدر قليل لأن والدها هو من أصل عربي ووالدتها من ذلك البلد الأوروبي، وقد أخبرته أن والديها يعيشان الآن منفصلين وهي لا تزورهما إلاّ نادراً وهما كذلك، وأفهمته أن مثل تلك الأمور بالنسبة لهم في أوروبا هي أمور عادية وطبيعية وكل إنسان حر في تصرفاته وحياته فلا يُفاجَئ بشيء وعليه أن يعتاد على مثل تلك الأمور.
لقد أحب غريب تلك الفتاة وأحبته وبقيا معاً لفترة من الزمان ثم قررا بعد ذلك أن يتزوجا فعرفّته على والدها ووالدتها لكنه لم يلقى من ذلك الأب أو من تلك الأم أي اهتمام وكأن أمر زواج ابنتهما لا يعنيهما في شيء، ولم يسمع منهما غير أن ابنتهما حرّة في أن تختار للزواج من تشاء فذلك شأنها وحدها وتلك حياتها.
تزوج غريب بعد ذلك من تلك الفتاة ثم أنجبا طفلة صغيرة، وبعد أن أصبح عمر تلك الطفلة ستة أشهر تقريباً سافر غريب مع زوجته وابنته الصغيرة إلى بلده لزيارة أهله، ولما وصل الثلاثة إلى المنزل الذي تربى فيه غريب ( أي إلى منزل جده وجدته) كانت أم غريب هناك في انتظارهم فتعانقوا وتبادلوا التحيات والقبلات ثم جلس الجميع يتحدثون وقد غمرت قلوبهم الفرحة والسعادة.
لقد كانت زوجة غريب تحمل معها بعض الصور الفوتوغرافية لوالدتها ووالدها، وصور أخرى لها مع والديها عندما كانت طفلة صغيرة فأخذت تعرض تلك الصور على الجميع لكي يتعرّفوا على والديها من خلال رؤيتهم للصور، وما إن التقطت أم غريب إحدى الصور التي بدا فيها والد زوجة غريب ونظرت إليه حتى صرخت بأعلى صوتها قائلة:
يا ويلي يا ويلي إنه هو... إنه والدك يا غريب.
وبهت الجميع واحمرّت وجوههم من هول ما سمعوا، وكأن صاعقة من السماء قد نزلت على رؤوسهم فعقدت ألسنتهم وحوّلت فرحتهم إلى حزن عميق، وبقوا هكذا لفترة من الوقت صامتون لا يدرون ماذا يقولون ويفعلون.
إن الذي حصل هو بالفعل مصيبة كبرى وقد حلّت على رؤوس أفراد تلك العائلة جميعاً، وهل هنالك مصيبة أعظم من أن يتزوج الأخ أخته وينجبا طفلة صغيرة دون أن يعلما أنهما أخوان.
تلك هي إحدى النتائج المؤلمة التي يؤدي إليها فعل الزنى، فعدم الالتزام بشرائع الدين والتربية المتساهلة والحرية التي دون ضوابط التي ينشأ عليها بعض الشبان المراهقين قد تؤدي إلى مثل تلك المصائب بل إلى أعظم من ذلك، ولكي لا تحصل مثل تلك الأمور ويندم الإنسان حيث لا يعد ينفع الندم، فقد وضع الله سبحانه وتعالى القوانين التي تُنظِّم حياة الإنسان وحرّم فعل الزنى.