الفلسفة باليونانية تعني: حب الحكمة أو محبة الحكمة؛ إذ أن لفظ الفلسفة يتكون من مقطعين يونانيين هما: (philien) ومعناه "يحب" و (sophia) ومعناه "الحكمة"، ويكون الفيلسوف (philosopher) هو: الشخص الذي يحب الحكمة، أو هو "محب الحكمة".
والحكمة قولية وفعلية، أما الحكمة القولية - وهي العقلية أيضا - فهي: كل ما يعقله العاقل بالحد وما يجري مجراه مثل: الرسم، والبرهان, وما يجري مجراه مثل: الاستقراء فيعبر عنه بهما، وأما الحكمة الفعلية: فكل ما يفعله الحكيم لغاية كمالية، فالأول الأزلي لما كان هو الغاية والكمال، فلا يفعل فعلا لغاية دون ذاته, وإلا فيكون الغاية والكمال هو الحامل والأول محمول وذلك محال، فالحكمة في فعله وقعت تبعا لكمال ذاته وذلك هو الكمال المطلق في الحكمة، وفي فعل غيره من المتوسطات وقعت مقصودا للكمال المطلوب وكذلك في أفعالنا.
موضوعها:
رغم تباين وجهات النظر حول موضوع الفلسفة، ومع تعدد التصنيفات التي وضعها الفلاسفة، فإنه من الممكن أن نحدد موضوع الفلسفة - في وضعه التقليدي الشائع - في المباحث الرئيسية التالية:
1) الكسمولوجيا، أو علم الكونيات Casmology
وهذا المبحث من مباحث الفلسفة يدور حول نشأة العالم أو الكون، والبنية التي يتألف منها، وطبيعة المكان وطبيعة الزمان، والبدايات الأولى للحياة، وكيف ظهرت على وجه الأرض، وكيف تطورت هذه البدايات، وهل هذا الكون بأحداثه يخضع لقانون ثابت، ويهدف إلى غاية محدودة، أم أنه يقوم على المصادفة والاتفاق، ويسير بلا هدف ولا غاية.
2) مبحث الوجود، أو الأنطولوجيا 9;Ontology
والفلسفة في هذا المبحث تحاول التعرف على طبيعة هذا الوجود الذي نعيش فيه، هل هي طبيعة مادية، أم روحية، أم تجمع بين المادية والروحية، أم أنها لامادية ولا روحية، كذلك هل الوجود يتألف من عنصر واحد، أم يتألف من عناصر كثيرة، هذه المسائل وما يتصل بها من موضوعات هذا المبحث تعددت الإجابة عليها وتوزعت بين عشرات المذاهب التي حاولت أن تجد حلا لها.
3) نظرية المعرفة، أو الابستمولوجيا Epistemology
يطلق هذا الجانب من الفلسفة على الدراسات الفلسفية التي تتعلق بطبيعة العلم الإنساني من جهة إمكانه، وطبيعته ووسائله، وصوابه وخطئه، والمدى الذي يمكن أن يصل إليه، فالفلسفة هنا تحاول أن تتوصل إلى أجوبة لهذه الأسئلة: ما المعرفة؟ هل هي ممكنة؟ وإذا كان تحصيلها ممكنا فبم يتم لنا ذلك؟
ومبحث المعرفة هذا قد حظي في الفلسفات الحديثة بمكانة خاصة، فهو يرتفع في بعضها لتصبح الفلسفة كلها وقفا عليه، وفي بعضها الآخر يهبط قليلا ليكون جزءًا رئيسيا من موضوع الفلسفة، أو ليكون الجزء الذي يأتي على رأس موضوعاتها جميعا.
4) مبحث القيم، أو الأكسيولوجيا Axiology
يدرس هذا الجزء من الفلسفة القيم المطلقة أو النهائية من حيث ذاتها لا باعتبارها وسائل إلى تحقيق غايات، وهي: الحق، والخير، والجمال، ويبرز السؤال في هذا القسم عما إذا كانت هذه القيم تمثل مجرد أفكار في ذهن الإنسان أم أنها ذات وجود خارجي مستقل عن الشخص الذي يدركها، وهذه القيم تمثل موضوعات لعلوم فلسفية ثلاثة هي:
ا - علم المنطق: وهو - بحسب مفهومه القديم - علم معياري يتميز به الحق من الباطل والصدق من الكذب، والحجة من الشبهة, والشك من اليقين.
ب - علم الأخلاق: ويبحث فيما ينبغي أن يكون عليه سلوك الإنسان وتصرفاته حتى تستحق أن توصف بأنها "خير".
جـ - علم الجمال: ويبحث هذا العلم عن المقاييس التي يمكن بناءً عليها الحكم على شيء بأنه جميل أو قبيح.
5) فلسفة الروح أو العقل:
ويتناول هذا الجانب من الفلسفة موضوع العقل أو الذهن أو الروح، فيبحث عما إذا كانت هذه تمثل جوهرا أو كيانا مستقلا، أم أنها مجموعة من الوظائف فحسب، كذلك يبحث في العلاقة بين العقل والجسم، أو بين الروح والبدن، وهل يمثل كل منهما جوهرا مستقلا بنفسه يستطيع التأثير في الآخر والتأثر به، أم أنهما يسيران في توازٍ كامل دون تأثير متبادل، أم أن الجسم هو الذي يؤثر وحده في العقل أو الذهن أو الروح دون العكس، كذلك يدرس هذا الجانب من الفلسفة مشكلة الإرادة الحرة، ومشكلة خلود الروح أو النفس.. إلى آخر هذه الموضوعات التي تتداخل مع بعض الجوانب الأخرى للفلسفة.
تلك هي الموضوعات الرئيسية للفلسفة، ولكن بعض مؤرخي الفلسفة يلحق بها موضوعات أخرى يجعلها فروعا لها أو ذيلا ملحقا بها وهي: فلسفة القانون، وفلسفة الدين، وفلسفة التاريخ، وفلسفة السياسة.