العمر : 29 تاريخ التسجيل : 04/06/2010 عدد المساهمات : 3063 نقاط : 8321
المزاج : تمام الحمد لله
موضوع: ابو بكر الصديق الخميس يوليو 15, 2010 11:14 am
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خيِير خلق الله أجمعين وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه وأرضاه هو أفضل الصحابة جميعا،وأحقهم بالخلافة رضي الله عنهم أجمعين وأرضاهم آمين مقدمة للموضوع: الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وأرضاهم: من أراد أن يعرف فضائل الصحابة ومنازلهم عند النبي عليه الصلاة والسلام ، فليتدبر الأحاديث الصحيحة التي صححها أهل العلم بالحديث الذين كملت خبرتهم بحال النبي عليه الصلاة والسلام، ومحبتهم له، وصدقهم في التبليغ عنه، وصار هواهم تبعًا لما جاء به. فليس لهم غرض إلا في معرفة ما قاله، وتمييز عما يخلط بذلك من كذب الكاذبين، وغلط الغالطين. وقد أثنى الله عليهم هو ورسوله عليه الصلاة والسلام ورضي عنهم وأعد لهم الحسنى كقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ) (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة» وفي الصحيحين «أنه كان بين عبد الرحمن بن عوف وبين خالد بن الوليد كلام، فقال: يا خالد لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» قال ذلك لخالد بالنسبة إلى السابقين الأولين. وثبت عنه في الصحيح من غير وجه أنه قال: «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». وهذه الأحاديث مستفيضة بل متواترة في فضائل الصحابة والثناء عليهم، وتفضيل أولهم على من بعدهم من القرون. قال فيهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من كان مستنًا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، كانوا والله أفضل هذه الأمة، وأبرها قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوهم في آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم، رواه غير واحد منهم ابن بطة عن قتادة. فضل بعض الخلفاء على بعض الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، نسأل الله أن يجزيهم عن الإسلام وأهله خير الجزاء؛ فهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون. الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون. والله سبحانه كما فضّل بعض النبيين على بعض، فضل بعض الخلفاء على بعض، فكل منهم له رتبته ودرجته. وأبو بكر الصدّيق رضي الله عنه وأرضاه، هو أكمل القوم وأسبقهم إلى الخيرات رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين. وهذا أمر لا يشك فيه إلا من كان جاهلاً بحالهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو كان صاحب هوى صده اتباع هواه عن معرفة الحق فصار ينقص بعضهم عن رتبته أو عن درجته أو يفتري عليه في ذلك. وأهل السنة لا ينازعون في كمال علي رضي الله عنه وأرضاه ،وأنه في الدرجة العليا من الكمال، وإنما النزاع في كونه أكمل من الثلاثة وأحق بالخلافة منهم رضوان الله عليهم أجمعين . وصفه بالصدّيق ثبت له هذا الاسم بالدلائل الكثيرة، وبالتواتر الضروري عند الخاص والعام، ووصفه به النبي عليه الصلاة والسلام، في الحديث الذي في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صعد رسول الله عليه الصلاة والسلام أحدًا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصدّيق وشهيدان» أخرجه البخاري. و عن عائشة رضي الله عنها قالت: «يا رسول الله (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)» أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ويخاف؟ قال: « لا ، يا ابنة الصدّيق ، ولكن الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يقبل منه» حديث حسن. الصدّيق أبلغ من الصادق الوصف بالصديق أكمل من الوصف بالصادق، فكل صدّيق صادق، وليس كل صادق صديقًا. وأبو بكر رضوان الله عليه ،ليست فضيلته في مجرد كونه صادقًا ليس غيره أكثر تحريًا للصدق منه؛ بل في أنه علم ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام جملة وتفصيلاً، وصدّق ذلك تصديقًا كاملاً في العلم والقصد والقول والعمل. وأفضل الخلق بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، "الصدّيقون" ومن كان أكمل في ذلك فهو أفضل. أبو بكر الصديق رضوان الله عليه أسبق الصحابة رضوان الله عليهم إلى الخيرات هو أول من أسلم أول من آمن بالرسول عليه الصلاة والسلام باتفاق أهل الأرض أربعة: أول من آمن به من الرجال أبو بكر رضي الله عنه، ومن النساء خديجة رضي الله عنها، ومن الصبيان علي رضي الله عنه، ومن الموالي زيد بن حارثة رضي الله عنه. وفي صحيح البخاري عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «كنت جالسًا عند النبي عليه الصلاة والسلام إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (أما صاحبكم فقد غامر ) فسلم، وقال: يا رسول الله إنه كان بيني وبين ابن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى علي، فأقبلت إليك. فقال: (يغفر الله لك يا أبا بكر) ثلاثًا. ثم إن عمر رضي الله عنه ندم فأتى منزل أبي بكر رضي الله عنه ،فسأل: أثم أبو بكر؟ قالوا: لا. فأتى النبي عليه الصلاة والسلام فسلم عليه فجعل وجه رسول الله عليه الصلاة والسلام يتمعر حتى أشفق أبو بكر رضي الله عنه فجثى على ركبتيه فقال يا رسول الله: والله إنا كنت أظلم مرتين فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي » مرتين. فما أوذي بعدها وفي رواية: «كانت بين أبي بكر وعمر محاورة فأغضبه أبو بكر، فانصرف عنه عمر مغضبًا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له فلم يفعل، حتى أغلق بابه في وجهه. قال: وغضب النبي عليه الصلاة والسلام» وفيه «إني قلت: يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا، فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت» فهذا يبين فيه أنه لم يكذبه قط، وأنه صدقه حين كذبه الناس طرًا، وهذا ظاهر في أنه صدقه قبل أن يصدقه أحد من الناس الذين بلغهم الرسالة. والناس متنازعون في أول من أسلم فقيل: أبو بكر أول من أسلم، فهو أسبق إسلامًا من علي، وقيل: إن عليًا أسلم قبله، لكن علي كان صغيرًا، وإسلام الصبي فيه نزاع بين العلماء. ولا نزاع في أن إسلام أبي بكر أكمل وأنفع؛ فيكون هو أكمل سبقًا بالاتفاق، وأسبق على الإطلاق على القول الآخر. وقال الشيخ في موضع آخر: وأما خديجة وعلي وزيد فهؤلاء كانوا من عيال النبي عليه الصلاة والسلام وفي بيته. وخديجة عرض عليها أمره لما فاجأه الوحي وصدقته ابتداء قبل أن يؤمر بالتبليغ، وذلك قبل أن يجب الإيمان به، فإنه إنما يجب إذا بلغ الرسالة. وعلي يمكن أنه آمن به لما سمعه يخبر خديجة وإن كان علي لم يبلغه. وقوله في حديث عمرو بن عبسة: «قلت يا رسول الله: من معك على هذا الأمر؟ قال: حر وعبد، ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به» موافق لهذا. أي: اتبعه من المكلفين المدعوين . وأول من دافع عن رسول الله عليه الصلاة والسلام لما أراد المشركون أن يضربوا رسول الله عليه الصلاة والسلام أو يقتلوه بمكة دافع عنه الصديق فضربوه، عن عروة بن الزبير قال سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله عليه الصلاة والسلام، قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه فقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم ) وفي حديث أسماء: فأتى الصريخ إلى أبي بكر، فقال: أدرك صاحبك. قالت: فخرج من عندنا وله غدائر أربع وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله. فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر، فرجع إلينا أبو بكر فجعل لا يمس شيئًا من غدائره إلا رجع معه . ولقصة أبي بكر رضي الله عنه ،هذه شاهد من حديث علي رضي الله عنه، أخرجه البزار من رواية محمد بن علي عن أبيه أنه خطب فقال: من أشجع الناس؟ فقالوا: أنت. فقال: أما إني ما بارزني أحد إلا انتصفت منه، ولكنه أبو بكر. لقد رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام أخذته قريش هذا يجؤه وهذا يتلقاه، ويقولون له: أنت تجعل الآلهة إلهًا واحدًا، فوالله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر يضرب هذا ويدفع هذا ويقول ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله. ثم بكى علي رضي الله عنه. ثم قال: أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون أفضل أم أبو بكر؟ فسكت القوم. فقال علي: والله لساعة من أبي بكر خير منه، ذاك رجل يكتم إيمانه، وهذا يعلن إيمانه. (الفتح جـ7/ 169). وذكر ابن كثير في البداية والنهاية، عن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي بسنده عن عائشة رضي الله عنها بعد أن ذكرت إسلام أبي بكر رضي الله عنه قالت: لما اجتمع أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً ألح أبو بكر على رسول الله عليه الصلاة والسلام في الظهور، فقال يا أبا بكر إنا قليل، فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهر رسول الله عليه الصلاة والسلام وتفرق الناس في نواحي المسجد كل رجل في عشيرته، وقام أبو بكر في الناس خطيبًا ورسول الله عليه الصلاة والسلام جالس، فكان أول خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضُربوا في نواحي المسجد ضربًا شديدًا، ووطِئ أبو بكر وضُرب ضربًا شديدًا، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه. وأول من دعا إلى الله من الصحابة أبو بكر رضي الله عنه أول من دعا إلى الله من الصحابة، فجعل يدعو الناس إلى الإسلام من وثق به، فأسلم على يديه أكابر أهل الشورى: عثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة، وهذا أفضل عمل. وكان يخرج مع النبي عليه الصلاة والسلام يدعو معه الكفار إلى الإسلام في المواسم ويعاونه معاونة عظيمة في الدعوة، بخلاف غيره. كان يجاهد الكفار مع الرسول عليه الصلاة والسلام قبل الأمر بالقتال بالحجة والبيان والدعوة، فكان أبو بكر أسبق الناس وأكملهم في أنواع الجهاد بالنفس والمال، فإنه جاهد قبل الأمر بالقتال وبعد الأمر بالقتال، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «إن أمن الناس علي في صحبته وذات يده أبو بكر» فالصحبة بالنفس، وذات اليد هو المال. فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه أمن الناس عليه في النفس، والمال . وأول من بذل ماله لنصرة الإسلام روى الإمام أحمد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: «ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر». فبكى أبو بكر، وقال: وهل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله. وهذا صريح في اختصاصه بهذه الفضيلة لم يشركه فيها علي رضي الله عنه ولا غيره من الصحابة رضي الله عنهم. «وكان يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه». و في صحيح الجامع ، قال عليه الصلاة والسلام: (ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ، ما خلا أبا بكر ، فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة ، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر ، ولو كنت متخذا خليلا ، لاتخذت أبا بكر خليلا ، ألا وإن صاحبكم خليل الله) وإنفاق أبي بكر لم يكن نفقة على النبي عليه الصلاة والسلام في طعامه وكسوته فإن الله أغنى نبيه عن مال الخلق أجمعين؛ بل كان معونة له على إقامة الإسلام. وكان إنفاقه في أول الإسلام لتخليص من آمن والكفار يؤذونه أو يريدون قتله مثل اشترائه سبعة كانوا يعذبون في الله، منهم بلال، حتى قال عمر رضي الله عنه: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالاً، وإنفاقه على المحتاجين من أهل الإيمان في نصر الإسلام حيث كان أهل الأرض قاطبة أعداء الإسلام، وتلك النفقة ما بقي يمكن مثلها، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق على صحته -لما كان بين عبد الرحمن بن عوف وبين خالد بن الوليد كلام-: «لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو انفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه». فإن إطعام الجائع من جنس الصدقة المطلقة التي يمكن كل واحد فعلها إلى يوم القيامة. وقال يعقوب بن سليمان في تأريخه: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان، حدثنا هشام عن أبيه: أسلم أبو بكر وله أربعون ألف درهم، فأنفقها في سبيل الله؛ أعتق بلالاً، وعامر بن فهيرة، وزنيرة، والنهدية، وابنتها، وجارية بني المؤمل، وأم عبيس. وقال أبو قحافة له: يا بني أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو اعتقت قومًا يمنعونك. فقال: إني أريد ما أريد . ولما هاجر استصحب ماله كله ،فجاء أبو قحافة، وقال لأهله: ذهب أبو بكر بنفسه فهل ترك ماله عندكم أو أخذه؟ قالت أسماء رضي الله عنها: فقلت: بل تركه، ووضعت في الكوة شيئًا وقلت هذا هو المال لتطيب نفسه أنه ترك ذلك لعياله، ولم يطلب أبو قحافة منه شيئًا. وهذا يدل على غناه. وأصحاب الصفة كانوا فقراء فحث النبي عليه الصلاة والسلام على طعمتهم فذهب بثلاثة، وانطلق نبي الله بعشرة وكان الصديق ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابة بعيدة، وكان ممن يتكلم في الإفك، فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه، فأنزل الله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ) إلى قوله: (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فقال أبو بكر: بلى والله أحب أن يغفر الله لي، فأعاد عليه النفقة. والحديث بذلك ثابت في الصحيحين . الفضل بالسبق إلى الإنفاق والقتال وهو أسبقهم إليهما صاحبه في سفر الهجرة لا ريب أن الفضيلة التي حصلت لأبي بكر في الهجرة لم تحصل لغيره من الصحابة بالكتاب والسنة والإجماع فتكون هذه الأفضلية ثابتة له دون عمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، قال الله تعالى: (إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) التوبة ففي الآية الكريمة من فضائل الصديق: 1- أن الكفار أخرجوه: وهذا هو الواقع، فإن الكفار أخرجوا المهاجرين كلهم كما قال تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا)، وقال تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ ) وذلك أنهم منعوهم أن يقيموا بمكة مع الإسلام، وهم لا يمكن أن يتركو الإسلام، فقد أخرجوهم بذلك. 2- أنه صاحبه الوحيد في الهجرة: الذي كان معه حين نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا هو أبو بكر، وكان ثاني اثنين الله ثالثهما. قوله: (ثَانِيَ اثْنَيْنِ) يدل على قلة العدد، فإن الواحد أقل ما يوجد، فإذا لم يصحبه إلا واحد دل على أنه في غاية القلة. وأيضًا ففي المواضع التي لا يكون مع النبي عليه الصلاة والسلام من أكابر الصحابة إلا واحد يكون هو ذلك الواحد: مثل سفره في الهجرة ومقامه يوم بدر في العريش لم يكن معه فيه إلا أبو بكر، ومثل خروجه إلى قبائل العرب يدعوهم إلى الإسلام كان يكون معه من أكابر الصحابة أبو بكر. وهذا اختصاص في الصحبة لم يكن لغيره باتفاق أهل المعرفة بأحوال النبي عليه الصلاة والسلام.وكل آية نزلت في مدح المُنفقين في سبيل الله، فهو أول المرادين بها من أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مثل قوله تعالى: (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا) فالذين سبقوا إلى الإنفاق والقتال قبل الحديبية أفضل ممن بعدهم. وأبو بكر أفضل من هؤلاء كلهم، فإنه من حين آمن بالرسول عليه الصلاة والسلام ، ينفق ماله ويجاهد بحسب الإمكان. سبقه في الإنفاق وفي صحيح الترمذي، عن عمر رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالا فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما قال فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أبقيت لأهلك)؟ قلت مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال (يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك)؟ فقال أبقيت لهم الله ورسوله، قلت لا أسبقه إلى شيء أبدا. الصُّحبة، وتبريزه فيها الصحبة: اسم جنس تعم قليل الصحبة وكثيرها فيقال: صحبه ساعة، ويومًا، وجمعة، وشهرًا، وسنة، وصحبه عمره كله. صحبة النبي عليه الصلاة والسلام وتبريز أبي بكر فيها: والصديق في ذروة سنام الصحبة وأعلى مراتبها؛ فإنه صحبه من حين بعثه الله إلى أن مات؛ فإنه لو أحصى الزمان الذي كان يجتمع فيه أبو بكر بالنبي عليه الصلاة والسلام لوجد ما يختص به أبو بكر أضعاف ما اختص به واحد منهم. وأما المشترك فلا يختص به واحد. وأما كمال معرفته ومحبته للنبي عليه الصلاة والسلام وتصديقه له فهو مبرز في ذلك على سائرهم تبريزًا باينهم فيه مباينة لا تخفى على من كان له معرفة بأحوال القوم. وأما من لا معرفة له فلا تقبل شهادته. وأما نفعه للنبي عليه الصلاة والسلام ومعاونته له على الدين فكذلك. فهذه الأمور التي هي مقاصد الصحبة ومحامدها ويستحق الصحابة أن يفضلوا بها على غيرهم لأبي بكر فيها من الاختصاص بقدرها ونوعها وصفتها وفائدتها ما لا يشركه فيها أحد، ويدل على ذلك حديث أبي الدرداء «وواساني بنفسه وماله» أنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام في الغار: الفضيلة في الغار ظاهرة بنص القرآن، وقد أخرجا في الصحيحين من حديث أنس، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: «نظرت إلى أقدام المشركين على رءوسنا ونحن في الغار، فقلت: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا، فقال: (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما) ». وهذا الحديث مع كونه مما اتفق أهل العلم على صحته وتلقيه بالقبول فلم يختلف في ذلك اثنان منهم فهو مما دل القرآن على معناه . أنه صاحبه المطلق: قوله تعالى: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ) لا يختص بمصاحبته في الغار، بل هو صاحبه المطلق الذي كمل في الصحبة كمالاً لم يشركه فيه غيره - فصار مختصًا بالأكملية من الصحبة، وهذا مما لا نزاع فيه بين أهل العلم بأحوال النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، كما في الحديث الذي رواه البخاري، عن أبي الدرداء، عن النبي عليه الصلاة والسلام وفيه: «فهل أنتم تاركو لي صاحبي؟» فقد تبين أن النبي عليه الصلاة والسلام خصه دون غيره مع أنه جعل غيره من أصحابه أيضًا؛ لكنه خصه بكمال الصحبة، ولهذا قال من قال من العلماء: إن فضائل الصديق خصائص لم يشركه فيها غيره . أنه المُشفَق عليه: قوله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم: (إذ يقول لصاحبه لا تحزن) يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله لأبي بكر [لا تحزن] كان مشفقا عليه محبًا له ناصرًا له حيث حزن، وكان حزن أبي بكر على النبي عليه الصلاة والسلام لئلا يقتل ويذهب الإسلام، ولهذا لما كان معه في سفر الهجرة كان يمشي أمامه تارة، ووراءه تارة، فسأله النبي عليه الصلاة والسلام عن ذلك، فقال: «أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون وراءك» وعن عمر رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة هاربا من المشركين خرج ليلا ، فتبعه أبو بكر ، فجعل يمشي مرة أمامه ، ومرة خلفه ، ومرة عن يمينه ، ومرة عن يساره . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما هذا يا أبا بكر ؟ ما أعرف هذا من فعلك ). فقال : يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك ، وأذكر الطلب فأكون خلفك ، ومرة عن يمينك ، ومرة عن يسارك ، لا آمن عليك . فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أطراف أصابعه حتى حفيت . فلما رأى أبو بكر أنها قد حفيت حمله على عاتقه ، حتى أتى به فم الغار ، فأنزله ، ثم قال : والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله ، فإن كان فيه شيء فيبدأ بي قبلك ، فلم ير شيئا يستريبه ، فحمله فأدخله ، وكان في الغار خرق فيه حيات ، فلما رأى ذلك أبو بكر ألقمه عقبه ، فجعلن يلسعنه أو يضربنه وجعلت دموعه تتحادر على خده من ألم ما يجد رضي الله عنه وأرضاه/ منهاج السنة /بن تيمية وهو من أشهر الأحاديث. قال نافع حدثني رجل عن ابن أبي مليكة أن أبا بكر رأى جحرًا في الغار فألقمها قدمه، وقال يا رسول الله إن كانت لسعة أو لدغة كانت بي» فلم يكن يرضى بمساواة النبي؛ بل كان لا يرضى بأن يقتل رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو يعيش؛ بل كان يختار أن يفديه بنفسه وأهله وماله. وهذا واجب على كل مؤمن، والصدّيق رضي الله عنه أقوم المؤمنين بذلك . أنه المشارك له في معية الاختصاص: قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ مَعَنَا) صريح في مشاركة الصديق للنبي عليه الصلاة والسلام في هذه المعية التي اختص بها الصديق لم يشركه فيها أحد من الخلق... وهي تدل على أنه معهم بالنصر والتأييد والإعانة على عدوهم فيكون النبي عليه الصلاة والسلام قد أخبر أن الله ينصرني وينصرك يا أبا بكر، ويعيننا عليهم، نصر إكرام ومحبة، كما قال تعالى: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ويوم يقوم الأشهاد) وهذا غاية المدح لأبي بكر، إذ دل على أنه ممن شهد له الرسول بالإيمان المقتضي نصر الله له مع رسوله في مثل هذه الحال التي يخذل فيها عامة الخلق إلا من نصره الله؛ ولهذا قال سفيان بن عيينة: إن الله عاتب الخلق جميعهم في نبيه إلا أبا بكر، وقال من أنكر صحبته فهو كافر؛ لأنه كذب القرآن. وقالت طائفة كأبي القاسم السهيلي وغيره: هذه المعية الخاصة لم تثبت لغير أبي بكر، وكذلك قوله: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» بل ظهر اختصاصهما في اللفظ كما ظهر في المعنى؛ فكان يقال للنبي: محمد رسول الله، فلما تولى أبو بكر بعده صاروا يقولون: خليفة رسول الله. فيضيفون الخليفة إلى رسول الله المضاف إلى الله، والمضاف إلى المضاف إلى الله مضاف إلى الله، وتحقيقًا لقوله: (إِنَّ اللهَ مَعَنَا) «ما ظنك باثنين الله ثالثهما» فلما تولى عمر رضي الله عنه بعده صاروا يقولون: أمير المؤمنين، فانقطع الاختصاص الذي امتاز به أبو بكر على سائر الصحابة. وهو من كُتّاب الوحيّ كان الصديق رضي الله عنه وأرضاه من كتاب الوحي، وعمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، وعامر بن فهيرة، وعبد الله بن أرقم، وأبي بن كعب، وثابت بن قيس، وخالد بن سعيد بن العاص، وحنظلة بن الربيع الأسدي، ومعاوية، وشرحبيل بن حسنة رضي الله عنهم أجمعين وأرضاهم. كتاب (منهاج السنة ج2) ان شاء الله انتظروا المزيد من الصحابة
عدل سابقا من قبل الاسطورة في الخميس يوليو 15, 2010 1:52 pm عدل 1 مرات (السبب : حجم الكلام)
الاسطورة اعضاء اساسيه
العمر : 36 تاريخ التسجيل : 02/01/2010 عدد المساهمات : 6592 نقاط : 12892
الموقع : dr_legand128@yahoo.com
موضوع: رد: ابو بكر الصديق الخميس يوليو 15, 2010 2:01 pm
ابو بكر صدق الرسول حين كذبه اهله وآمن به وبرسالته عندما كفر به اهله
المحبة اعضاء اساسيه
العمر : 29 تاريخ التسجيل : 04/06/2010 عدد المساهمات : 3063 نقاط : 8321
المزاج : تمام الحمد لله
موضوع: رد: ابو بكر الصديق الخميس يوليو 15, 2010 2:21 pm
dr ayman عضو فضى
العمر : 43 تاريخ التسجيل : 26/12/2009 عدد المساهمات : 149 نقاط : 5581
موضوع: رد: ابو بكر الصديق الخميس يوليو 15, 2010 5:06 pm
تسلمى يا محبه على موضوعك الرائع
وجزاكى الله خيرا
المحبة اعضاء اساسيه
العمر : 29 تاريخ التسجيل : 04/06/2010 عدد المساهمات : 3063 نقاط : 8321
المزاج : تمام الحمد لله
موضوع: رد: ابو بكر الصديق السبت يوليو 17, 2010 9:17 am
ميرسي علي مرورك يا د/ ايمن
محمد بسيونى كسبر The General Manager
العمر : 37 تاريخ التسجيل : 18/12/2009 عدد المساهمات : 21838 نقاط : 28480
المزاج : زملكاوى جداااااااااا الموقع : هاتلاقينى هناك
موضوع: رد: ابو بكر الصديق السبت يوليو 17, 2010 10:20 pm
تسلمى تسلمى تسلمى يا محبه
المحبة اعضاء اساسيه
العمر : 29 تاريخ التسجيل : 04/06/2010 عدد المساهمات : 3063 نقاط : 8321
المزاج : تمام الحمد لله
موضوع: رد: ابو بكر الصديق الإثنين يوليو 19, 2010 10:41 pm