مَكث مُحبي مانشستر يونايتد ليلة أمس الأحد في صمت عميق، فلم تؤثر هزيمة أحد منافسيهم على لقب الدوري الإنجليزي هذا الموسم "تشيلسي" أمام ليفربول على ملامح وجوههم احتراماً لأرواح أغلى أجيالهم الذين لاقوا حدفهم في مدينة ميونيخ الألمانية الموافق السادس من فبراير من عام 1958 بعد سقوط طائرتهم العائدة من بلجراد في ميونيخ حيث واجهوا في ربع نهائي بطولة أوروبا نادي "النجم الأحمر".
قصة الطائرة المُحطمة في ميونيخ ستظل بدون شك عالقة في أذهان محبي النادي حتى تنتهي الحياة خاصةً كلما ينتظر الأنصار إلى التاريخ المشؤوم بالنسبة لهم (6 فبراير)، ففي هذه الأثناء دائماً ما يقولون أن لولا هذه الكارثة لما تعرض مانشستر يونايتد لإنتكاسات كروية وفنية بداية الستينات ثم هبط منتصف السبعينات لدوري الدرجة الأولى بضربة قاضية من دينيس لو لاعب مانشستر سيتي، وسبب قولهم هذا يرجع لقوة وتميز العناصر التي توفت في الحادث والتي كان من الصعب تعويضها إلا بعد زمن طويل عندما تقلد "سير أليكس فيرجسون" المسؤولية الفنية للنادي وظهر معه جيل "جيجز، كين، بيكهام، بات، نيفيل، بيتر شمايكل".
والأمر لا يقتصر على لاعبين موهوبين بل على مدرب مُحنك هو أحد أفضل المدربين الذين تولوا تدريب اليونايتد وهو "مات باسبي"، فلا يزال اسمه يتردد في مدرجات مسرح الأحلام حتى وقتنا هذا، ويتأمل كل زائر لمدينة مانشستر خاصةً الجزء الأحمر منها دائماً وأبداً في التمثال الذي وضع له أمام ملعب أولد ترافورد إحتراماً له ولمسيرته الخالدة بعد ذلك في الصمود وإعادة الأمور لنصابها الصحيح فور خروجه من المستشفى.
الحادث
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]تفاصيل حادث انفجار الطائرة في ميونيخ بدأ عندما عاد الفريق من يوغسلافيا -سابقاً- حيث انتهى لقاءه مع النجم الأحمر بالتعادل الإيجابي 3/3 علماً بأن لقاء الذهاب في إنجلترا كان قد انتهى بفوز مانشستر يونايتد 1/2، الطائرة ظلت محلقة منذ خروجها من بلجراد دون تمويلها بالبنزين وشعر الطيار بأهمية الهبوط الإجباري في مدينة مونشين الألمانية (ميونيخ) لإعادة تعبئة الوقود، لكن عودة الطائرة للطيران تأخر مرتان بسبب إحدى الأعطال وتدخل عمال المطار الألماني لإصلاح ذلك العطل الذي كان في إحدى أجزاء "ماكينة الطائرة" تسبب فيما بعد في إضافة سرعة كبيرة على سرعة الطائرة الطبيعية وهذا ما تسبب في تعطلها من جديد لتشتعل المحركات وتُحرق الطائرة أثناء الإقلاع ولسوء الحظ إصطدمت في إحدى الأسوار المُحيطة بالمطار ومن ثم في إحدى البيوت ليتحطم الجناح الأيسر من الطائرة ثم الذيل، وما زاد الطين بلة إصطدام خزان الوقود بإحدى الأسطح الصلدة لينفجر وتنفجر معه الطائرة.
أسبابه الرسمية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]مسؤولو البحث الجنائي الألماني كشفوا عن الأسباب الحقيقية والرسمية لهذا الإنفجار ليس سعياً منهم لتبرئة طاقم مهندسي وعمال مطار ميونيخ، على خلفية الأزمات السياسية بين الإنجليز والألمان، ولكن من أجل توضيح الأمور بالفعل للإعلام الإنجليزي والعالمي.
وقالت مصادر البحث أن الثلوج الكثيفة التي تراكمت على الطريق المؤدي للإقلاع هي التي تسببت في إنحراف مسار الطائرة وخروجها عن المضمار الصحيح ما تسبب في إرتطامها في إحدى الأسوار الجانبية ثم في بيت ثم في شجرة عملاقة.
الهالكون
الحادث أدى لوفاة 23 شخص من بينهم ثمانية أشخاص من أفراد فريق مانشستر يونايتد.، والتالي كانت قائمة اللاعبين الذين توفوا في الحادثة:
جيف بينت، مارك جونز، بيلي يام ويلان، روجر بيرن، إدي كولمان، تومي تايلور وديفيد بيج؛ وتوفى بعد بضعة أيام من هذه الحادثة النجم الموهوب الذي بكت عليه إنجلترا كثيراً (دنكان إدواردز) في المستشفى.
اللاعبون ليسوا هم فقط من توفوا بل كذلك بعض الموظفين في النادي أمثال "توم كاري" والبروفيسور "والتر كريكمير بيرت" وكذلك عدداً من الصحفيين الذين رافقوا بعثة مانشستر يونايتد إلى بلجراد، وبعض المدنيين.
الناجون
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]القدر منح عدد قليل من أفراد الرحلة المنكوبة فرصة مواصلة الحياة، لكن بعضهم لم يستطع إكمال مسيرته الكروية بسبب صعوبة الإصابات، فقد عبر "جوني بيري وجاكي بلانكفلاور" هذه المحنة لكن دون أن يعودوا مرة أخرى لممارسة كرة القدم، وظل النجم الكبير "بوبي تشارلتون" ليُواصل مسيرته ويقود إنجلترا للفوز بكأس العالم 1966 على حساب ألمانيا 2/4 ثم يقود الشياطين للفوز بكأس دوري أبطال أوروبا 1968، وتبقى معه كذلك "ألبرت سكانلون، فولكس بيلي، هاري جريج، مورجنس كيني، دينيس فيوليت وراي وود" بالإضافة للمدير الفني (مات باسبي) الذي دخل المستشفى وكان في صراع مع الموت لكنه أفلت من الموت بأعجوبة وعاد ليقود الفريق للبطولات.
قصة إنقاذ تشارلتون وهؤلاء اللاعبين ترجع لهاري جريج الذي شعر بالأمر مع بعض من زملائه الناجين وطلب منهم العودة إلى باب الطائرة والقفز منها قبل إنفجارها وقد تعرض تشارلتون لعدد من الإصابات في الوجه وتدهورت حالته النفسية كثيراً قبل أن يسترد عافيته بعد ذلك، ويَدين السير بوبي تشارلتون الذي يُعد الآن رئيساً فخرياً للمان يونايتد بالفضل لفيوليت الذي أنقذه أثناء السقوط من الطائرة.
ويقول بوبي تشارلتون: "كانت لدينا تشكيلة رائعة من النجوم، وأخص بالذكر دنكان إدواردز، فقدانه كان أكبر مأساة لمانشستر يونايتد ولكرة القدم الإنجليزية".
مضيفاً: "لا أشك للحظة أن دنكان كاد أن يصبح أعظم لاعبي العالم ليس فقط في كرة القدم البريطانية، نعم جورج بيست كان شيئاً خاصاً بالنسلة لنا مثلما كان بيليه ومارادونا لكن في رأيي أن دنكان أفضل بكثير من هؤلاء جميعاً حيث كان يمتلك قدرات شاملة ومهارات عالية".
الكارثة أظهرت قوة اليونايتد
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]الانتصارات.. البطولات.. العودة من القاع للقمة .. أمور كلها تؤكد على أن تلك الكارثة أظهرت قوة رجال اليونايتد وقدرتهم على تجاوز المحنة، وكذلك قدرت اللاعبين الذين جاءوا في المستقبل على نسيان الماضي والتطلع لتحقيق أشياءاً عظيمة للنادي كدوري أبطال أوروبا والعودة للدوري الممتاز والمنافسة من جديد لإحياء مسيرة النادي على الألقاب المحلية، عكس ما حدث لنادي تورينو الإيطالي الذي كان هو أفضل أندية إيطاليا في الأربعينات لكن منذ سقوط طائرته ووفاة أفضل أجياله الكروية لم يقف على قدميه مثلما فعل مانشستر يونايتد.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]اليوم وحتى يوم غداً يعيش مانشستر يونايتد مع أنصاره في كل بقاع الدنيا حالة من الحداد، فلا يمكن لأحد نسيان ما حدث في نفس هذا الوقت من عام 1958.