حذرت الحكومة الأميركية ورجال دين ومنظمات غير حكومية من أن عزم مجموعة بروتستانتية أميركية صغيرة على احراق مصاحف يهدد في حال تم تنفيذه بزيادة توتر علاقات الولايات المتحدة مع الدول الإسلامية، وتعقيد مهمة الغربيين في افغانستان.
إلا أن كنيسة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" البروتستانية الصغيرة في غينسفيل (فلوريدا) أكدت عزمها احراق مئات المصاحف علنا السبت في الذكرى التاسعة لاعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة التي قتل فيها نحو 3000 شخص.
وعلق البيت الابيض على الأمر بالقول إن مبادرة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" تشكل "مصدر قلق" و"تضع قواتنا في خطر"، مؤيدا بذلك مخاوف الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الدولية في افغانستان.
وصرح المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس أمس ان "هذه الخطوة تعرض حياة جنودنا للخطر. ومن الواضح ان اي عمل كهذا هو مصدر قلق لهذه الادارة".
واعربت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون، وهي ارفع مسؤول أميركي يندد بخطط حرق المصاحف، عن سرورها "للادانة الواضحة التي لا لبس فيها ضد هذا العمل المشين والمخزي والتي صدرت عن المسؤولين الروحيين الاميركيين من جميع الديانات، من المسيحيين الانجيليين الى الحاخامات اليهود، كما عن المسؤولين الاميركيين العلمانيين وقادة الرأي".
واعلن القس تيري جونز لشبكة "سي ان ان" الاخبارية أنه "يأخذ على محمل الجد" المخاوف التي اعرب عنها بترايوس، لكنه قال انه "ينوي باصرار" المضي في تنفيذ ما توعد به.
وتأتي خطط هذه الكنيسة وسط موجة من العداء للإسلام بسبب مشروع لبناء مركز ثقافي اسلامي في نيويورك في مكان قريب من موقع هجمات 11 سبتمبر 2001.
من جهته، أعرب الأمين العام للحلف الاطلسي اندرز فوغ راسموسن عن استيائه من "عواقب وخيمة محتملة على امن قواتنا" في افغانستان حيث ضمت تظاهرة من دون عنف نحو 200 رجل الاثنين في كابول وسط هتافات "الموت لاميركا!" و"يحيا الاسلام!".
وأعلن ممثل الامم المتحدة الخاص في افغانستان ستيفان دي ميستورا أمس "اذا ما حصل عمل مشين كهذا، فانه سيعزز ذرائع الذين يعارضون السلام والمصالحة في افغانستان".
اما وكالة تنسيق المساعدة لافغانستان فلفتت باسم منظمات افغانية واجنبية غير حكومية عدة "في اطار افغانستان حيث يبقى الوضع هشا، فإن مثل هذه المبادرة قد يؤدي الى قتل مدنيين ابرياء وعمال انسانيين".
من جهتها، دانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون المبادرة وأكدت "احترام كل المعتقدات الدينية"، كما دانها الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى بشدة واعتبرها مشروعا يقوم به شخص "متعصب".
وأكدت ايران ان تنفيذ المشروع سيثير ردود فعل "لا يمكن السيطرة عليها"، بينما اعتبر احد المسؤولين في جماعة الاخوان المسلمين في مصر عصام العريان ان ذلك سيزيد من الحقد حيال الولايات المتحدة في العالم المسلم.
وحذر العالم الازهري البارز الشيخ عبد المعطي البيومي عضو مجمع بحوث الازهر أمس من انه في حال نفذت كنيسة اميركية خطتها القاضية بحرق مئات المصاحف فان هذا الامر قد يؤدي الى "تخريب" العلاقات بين واشنطن والعالم الاسلامي.
وقال الشيخ بيومي الذي وصفه الرئيس الاميركي باراك اوباما في ندائه للمصالحة مع العالم الاسلامي بانه "منارة للعلم"، انه "لو عجزت الحكومة الاميركية عن وقف هذا سوف يكون (حرق المصحف) أحدث صيحة في الارهاب الديني ومعنى ذلك تخريب العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الاسلامي".
وأعلن اية الله لطف الله صفي قلبايكاني من قم في ايران "اذا ما حصل مثل هذا العمل غير الانساني والفظيع في اميركا، فان الرئيس (باراك) اوباما سيستحق عندئذ الملاحقة".
من جانبه، ندد الفاتيكان "بمبادرة مسيئة حيال كتاب تعتبره طائفة دينية مقدسا"، معربا عن "قلقه العميق"، وذلك في بيان للمجلس البابوي للحوار بين الاديان.
ودان الرئيس اللبناني ميشال سليمان عزم كنيسة اميركية معادية للاسلام احراق مصاحف السبت، معتبرا ان ذلك "مناف لتعاليم الديانات السماوية".
واستهجن سليمان، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه، "ما اعلنته مجموعة دينية في الولايات المتحدة عن نيتها احراق نسخ من القرآن الكريم على الملأ"، معتبرا ذلك "منافيا بصورة صارخة لتعاليم الديانات السماوية السمحاء ويتناقض كليا مع منطق حوار الحضارات والأديان والثقافات".
وفي اندونيسيا الدولة المسلمة الأكثر عددا للمسلمين في العالم، تخشى الاقلية المسيحية من "توترات"، وكتب اتحاد 20 ألف كنيسة مسيحية بروتستانتية في اندونيسيا الى الرئيس اوباما تحضه على التدخل.
وقال القس تيري جونز صاحب هذه المبادرة إن إحراق المصاحف يهدف الى "تذكر من قتلوا في احداث 11 سبتمبر" وارسال تحذير الى "العناصر الاسلامية المتطرفة".
واجتمع وزير العدل الاميركي ايريك هولدر بعدد من الزعماء الدينيين لبحث سبل القضاء على موجة العداء للاسلام.
وقالت فرحانة خيرا مديرة جمعية "المناصرين للاسلام" عقب الاجتماع ان هولدر وصف خطط حرق المصحف بانها "غبية وخطيرة"، الا انه اعرب عن اسفه لان الحدث بحد ذاته لا يشكل انتهاكا للقانون الفدرالي.
ويتوقع ان يصادف احياء ذكرى 11 سبتمبر مع عيد الفطر الذي يحتفل به نحو 1,5 مليار مسلم في انحاء العالم.
اما الحاخام نانسي كريمر فقالت "نحن نشعر بالاستياء الشديد والحزن العميق بسبب حوادث العنف التي ارتكبت ضد مسلمين في مجتمعاتنا، وكذلك بسبب تدنيس بيوت العبادة الاسلامية".
وتأسست كنيسة "دوف وورلد اوتريتش سنتر" عام 1986 وهي كنيسة بروتستانتية صغيرة لا يزيد عدد اتباعها عن 50 شخصا وتصف الاسلام بأنه "دين شيطاني" يسعى الى الهيمنة على العالم.