بعد ليلة حافلة بردود الفعل المتباينة حول مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن تراوحت بين النشوة الأمريكية والقلق الباكستاني, سيطرت حالة من التوتر الدبلوماسي والأمني علي كل من الولايات المتحدة وباكستان .
مع تصاعد التساؤلات حول السر وراء إقامة بن لادن بأمان لأعوام علي الأراضي الباكستانية, وأسباب عدم مشاركة إسلام أباد في عملية اغتياله.
ففي الوقت الذي دوت فيه تهديدات حركة طالبان الباكستانية بشن هجمات انتقامية لمقتل الرجل الأول في القاعدة, سارعت الولايات المتحدة أمس لإعلان تعليق خدماتها العامة في سفارتها و قنصلياتها في باكستان بسبب المخاوف الأمنية. وأوضح ألبيروتو رودريجيز المتحدث باسم السفارة ان السفارة في إسلام اباد و القنصليات في بيشاور ولاهور وكراتشي أوقفت خدماتها الاعتيادية للمواطنين مثل تأشيرات السفر وغيرها حتي إشعار آخر., مؤكدا التزامهم بتقديم خدمات أخري مثل الدعم الطارئ لمواطنيها..
كما عززت أمريكا من إجراءاتها الأمنية حول منشآتها في مختلف أنحاء العالم منذ اللحظات الأولي لإعلان مقتل بن لادن.
ولم يكن الحال أفضل بالنسبة للجانب الباكستاني, حيث سارعت الحكومة بعقد اجتماع أمني مغلق قبل تشديد الإجراءات الأمنية حول منشآتها الحكومية والحيوية في مختلف المدن خاصة في العاصمة إسلام أباد, بالإضافة لمدينتي كيتا وبيشاور, اللتين عاشتا ليلة أمس الأول حالة من الغضب الشعبي لمقتل العقل المدبر للقاعدة, ومظاهرات تنديد حاشدة شهدت إحراق العلم الأمريكي في حين أكد البعض أن ما حدث لا يعني القضاء علي القاعدة ولكن الأيام القادمة ستشهد ميلاد أكثر من بن لادن.
وتزامنت حالة الاستنفار الأمني في باكستان مع تصاعد التوقعات من وقوع سلسلة من الهجمات الانتقامية, وهوما أكدته صحيفة دون الباكستانية والتي ركزت علي إن حركة طالبان باكستان ذات الصلة بالقاعدة هددت بشن هجمات ضد باكستان وأمريكا.
يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت فيه وسائل الاعلام الباكستانية أن مقتل أسامة بن لادن علي أيدي قوات أمريكية داخل أراضيها سيسبب احراجا لحكومة إسلام أباد, التي تواجه ضغوطا كبيرة لتفسير كيف استطاع بن لادن ان يعيش في هذا البلد دون اكتشافه لسنوات, وسط تحذيرات من تحرك أمريكي وشيك للتعبير عن استياء واشنطن من إسلام أباد..
وهو ما دفع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري إلي محاولة توضيح موقف إسلام آباد بهذا الصدد وتبرئة ساحتها أمام مختلف الأطراف. فقد كتب في عمود للرأي في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مؤكدا انه لم يتم اشراك قوات الامن الباكستانية في العملية. ولكن وجود بن لادن علي بعد بضعة كيلومترات من منشأة عسكرية رئيسية قد يقوض سمعة الجيش والمخابرات الباكستانيين. وأضاف زرداري ان باكستان كانت ضحية بشكل كبير مثل اي دولة ونفي اي اعتقاد بان السلطات الباكستانية اخفقت في القيام بعملها.
وكتب يقول لم يكن في أي مكان توقعنا أن يكون فيه لكنه رحل الآن
وأضاف قوله مع أن أحداث يوم الأحد لم تكن عملية مشتركة فإن عقدا من التعاون والشراكة بين الولايات المتحدة وباكستان أدي إلي القضاء علي أسامة بن لادن بوصفه خطرا دائما علي العالم المتحضر.
ويأتي مقال زرداري كمحاولة للإجابة عن تساؤلات مشرعون امريكيون تركزت حول كيف استطاع بن لادن ان يعيش في منطقة مأهولة من باكستان دون أن يعلم بأمره أحد علي مدي سنوات; بينما أكد البعض انه حان الوقت لمراجعة معونات بمليارات الدولارات تقدمها الولايات المتحدة لباكستان.
وقالت صحيفة ديلي تايمز ان كيفية تمكنه من الاختباء هناك دون اي عمل من جانبنا امر سيصعب اقناع الامريكيين به.
وذكرت صحيفة دون ان هذه العمليةتثير عددا كبيرا من الاسئلة بشأن مستوي التعاون مع المخابرات والجيش الباكستانيين هل تم الوثوق فيهما؟واذا كان الامر كذلك فالي اي مدي؟ هل تمت مشاورتهما او تم اخطارهما فقط؟ هل لعبا اي دور في العملية؟
وفي واشنطن, حاول البيت الأبيض التخفيف من حدة الموقف مؤكدا أن المشاركة بين الولايات المتحدة وباكستان حيوية لهزيمة تنظيم القاعدة, لكنه اعترف بوجود خلافات في الرأي بين الحكومتين بشأن محاربة المتشددين الاسلاميين. وقال جون برينان كبير مستشاري اوباما الأمنيين ان من المفهوم ان يثير المشرعون الامريكيون اسئلة بشأن المساعدة الامريكية لباكستان عقب قتل اسامة بن لادن في منطقة راقية قرب اسلام اباد, مؤكدا انه ليس من المتصور ان اسامة بن لادن لم تكن لديه شبكة دعم لمساعدته داخل باكستان لكنه رفض التكهن بما اذا كانت هناك اي مساعدة باكستانية رسمية.[i]