الهياتم اليوم
سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) 13401721
الهياتم اليوم
سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) 13401721
الهياتم اليوم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الهياتم اليوم

أهلا بك يا زائر فى الهياتم اليوم
 
الرئيسيةالرئيسية  الموقع الرسمىالموقع الرسمى  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
للإعلان على الصفحة الرئيسية للمنتدى راسلونا على Hayatemtoday@yahoo.com

أوالإتصال على الرقم 01283953876
                   01201616424
مع تحيات :إداره منتدى الهياتم اليوم
أهلا ومرحبا بكم فى منتدى الهياتم اليوم









 

 سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
السفير
المراقب العام
المراقب العام
السفير


تاريخ التسجيل : 03/08/2010
عدد المساهمات : 9009
نقاط : 16442
ذكر

المزاج : اهلاوى للابد(( الاهلى فى دمى ))

سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) Empty
مُساهمةموضوع: سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)   سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) I_icon_minitimeالإثنين يناير 17, 2011 10:16 pm

[size=18]** وَلَقَدْ أَنْزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَآ إِلاّ الْفَاسِقُونَ * أَوَكُلّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نّبَذَهُ فَرِيقٌ مّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَمّآ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدّقٌ لّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مّنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ وَاتّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشّيَاطِينُ عَلَىَ مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـَكِنّ الشّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلّمُونَ النّاسَ السّحْرَ وَمَآ أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتّىَ يَقُولاَ إِنّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلّمُونَ مَا يَضُرّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الاَخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنّهُمْ آمَنُواْ واتّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مّنْ عِندِ اللّهِ خَيْرٌ لّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
قال الإمام أبو جعفر بن جرير في قوله تعالى: {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات} الاَية, أي أنزلنا إليك يا محمد علامات واضحات, دالات على نبوتك, وتلك الاَيات هي ماحواه كتاب الله من خفايا علوم اليهود, ومكنونات سرائر أخبارهم وأخبار أوائلهم من بني إسرائيل, والنبأ عما تضمنته كتبهم التي لم يكن يعلمها إلا أحبارهم وعلماؤهم وما حرّفه أوائلهم وأواخرهم وبدلوه من أحكامهم التي كانت في التوراة فأطلع الله في كتابه الذي أنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فكان في ذلك من أمره الاَيات البينات لمن أنصف من نفسه ولم يدعها إلى هلاكها الحسد والبغي, إذ كان في فطرة كل ذي فطرة صحيحة تصديق من أتى بمثل ماجاء به محمد صلى الله عليه وسلم من الاَيات البينات التي وصف من غير تعلم تعلمه من بشر, ولاأخذ شيئاً منه عن آدمي, كما قال الضحاك عن ابن عباس {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات} يقول: فأنت تتلوه عليهم وتخبرهم به غدوة وعشية وبين ذلك, وأنت عندهم أمي لم تقرأ كتاباً, وأنت تخبرهم بما في أيديهم على وجهه, يقول الله تعالى في ذلك عبرة وبيان, وعليهم حجة لوكانوا يعلمون. وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: قال ابن صوريا القطويني لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يامحمد, ما جئتنا بشيء نعرفه, وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك, فأنزل الله في ذلك من قوله {ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون} وقال مالك بن الصيف حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم: وذكرهم ما أخذ عليهم من الميثاق وما عهد إليهم في محمد صلى الله عليه وسلم, والله ما عهد إلينا في محمد, وما أخذ علينا ميثاقاً, فأنزل الله تعالى {أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم} وقال الحسن البصري: في قوله{بل أكثرهم لا يؤمنون} قال: نعم, ليس في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه ونبذوه, يعاهدون اليوم وينقضون غداً. وقال السدي: لا يؤمنون بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. وقال قتادة: نبذه فريق منهم, أي نقضه فريق منهم. وقال ابن جرير: أصل النبذ الطرح والإلقاء, ومنه سمي اللقيط منبوذاً, ومنه سمي النبيذ, وهو التمر والزبيب إذا طرحا في الماء, قال أبو الأسود الدؤلي:
نظرت إلى عنوانه فنبذبتهكنبذك نعلاً أخلقت من نعالكا
قلت: فالقوم ذمهم الله بنبذهم العهود التي تقدم الله إليهم في التمسك بها والقيام بحقها, ولهذا أعقبهم ذلك التكذيب بالرسول المبعوث إليهم وإلى الناس كافة الذي في كتبهم نعته وصفته وأخباره, وقد أمروا فيها باتباعه ومؤازرته ونصرته, كما قال تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل} الاَية, وقال ههنا{ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم} الاَية, أي طرح طائفة منهم كتاب الله الذي بأيديهم مما فيه البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم, أي تركوها كأنهم لا يعلمون ما فيها, وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه, ولهذا أرادوا كيداً برسول الله صلى الله عليه وسلم وسحروه في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر تحت راعوفة ببئر أروان, وكان الذي تولى ذلك منهم رجل يقال له: لبيد بن الأعصم لعنه الله وقبحه, فأطلع الله على ذلك رسوله صلى الله عليه وسلم وشفاه منه وأنقذه, كما ثبت ذلك مبسوطاً في الصحيحين عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها, كما سيأتي بيانه. قال السدي {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم} قال: لما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم عارضوه بالتوراة, فخاصموه بها, فاتفقت التوراة والقرآن, فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف, وسحر هاروت وماروت, فلم يوافق القرآن فذلك قوله{كأنهم لايعلمون} وقال قتادة في قوله {كأنهم لايعلمون} قال: إن القوم كانوا يعلمون, ولكنهم نبذوا علمهم وكتموه وجحدوا به, وقال العوفي في تفسيره عن ابن عباس في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوالشياطين} الاَية, وكان حين ذهب ملك سليمان ارتد فئات من الجن والإنس واتبعوا الشهوات, فلما أرجع الله إلى سليمان ملكه, وقام الناس على الدين كما كان, وأن سليمان ظهر على كتبهم فدفنها تحت كرسيه, وتوفي سليمان عليه السلام حدثان ذلك, فظهر الإنس والجن على الكتب بعد وفاة سليمان وقالوا: هذا كتاب من الله نزل على سليمان فأخفاه عنا, فأخذوا به فجعلوه ديناً, فأنزل الله تعالى {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم} الاَية واتبعوا الشهوات التي كانت تتلوا الشياطين, وهي المعازف واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج, حدثنا أبو أسامة عن الأعمش, عن المنهال, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: كان آصف كاتب سليمان, وكان يعلم الاسم الأعظم, وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه, فلما مات سليمان أخرجته الشياطين, فكتبوا بين كل سطرين سحراً وكفراً, وقالوا: هذا الذي كان سليمان يعمل بها. قال: فأكفره جهال الناس وسبوه, ووقف علماء الناس, فلم يزل جهال الناس يسبونه حتى أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا} وفال ابن جرير: حدثني أبو السائب سلم بن جنادة السوائي, حدثنا أبو معاوية, عن الأعمش, عن المنهال, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: كان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي شيئاً من نسائه, أعطى الجرادة وهي امرأة خاتمه, فلما أراد الله أن يبتلي سليمان عليه السلام بالذي ابتلاه به, أعطى الجرادة ذات يوم خاتمه, فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال: هاتي خاتمي, فأخذه ولبسه, فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإنس. قال: فجاءها سليمان, فقال لها: هاتي خاتمي, فقالت: كذبت لست سليمان, قال: فعرف سليمان أنه بلاء ابتلي به. قال: فانطلقت الشياطين, فكتبت في تلك الأيام كتباً فيها سحر وكفر, فدفنوها تحت كرسي سليمان,ثم أخرجوها وقرؤوها على الناس وقالوا: إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب, قال فبرىء الناس من سليمان وكفروه حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه{وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا} ثم قال ابن جرير: حدثنا ابن حميد, حدثنا جرير عن حصين بن عبد الرحمن, عن عمران وهو ابن الحارث, قال: بينما نحن عند ابن عباس رضي الله عنهما, إذ جاء رجل فقال له: من أين جئت ؟ قال: من العراق, قال: من أية ؟ قال: من الكوقة, قال: فما الخبر ؟ قال: تركتهم يتحدثون أن علياً خارج اليهم ففزع, ثم قال: ما تقول لا أبا لك ؟ لو شعرنا ما نكحنا نساءه ولا قسمنا ميراثه, أما إني سأحدثكم عن ذلك, إنه كانت الشياطين يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلمة حق قد سمعها, فإذا جُرّب منه وصدق, كذب معها سبعين كذبة, قال: فتشربها قلوب الناس قال: فأطلع الله عليها سليمان عليه السلام, فدفنها تحت كرسيه, فلما توفي سليمان عليه السلام, قام شيطان الطريق, فقال: هل أدلكم على كنزه الممنع الذي لا كنز له مثله ؟ تحت الكرسي. فأخرجوه, فقال: هذا سحر, فتناسخها الأمم حتى بقاياها ما يتحدث به أهل العراق, فأنزل الله عز وجل {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا} الاَية, وروى الحاكم في مستدركه عن أبي زكريا العنبري, عن محمد بن عبد السلام عن إسحق بن إبراهيم عن جرير به.
وقال السدي في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} أي على عهد سليمان, قال: كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتقعد منها مقاعد للسمع, فيستمعون من كلام الملائكة ما يكون في الأرض من موت أو غيب أو أمر, فيأتون الكهنة فيخبرونهم, فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا, فلما أمنتهم الكهنة كذبوا لهم وأدخلوا فيه غيره, فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة, فاكتتب الناس ذلك الحديث في الكتب, وفشا ذلك في بني إسرائيل أن الجن تعلم الغيب, فبعث سليمان في الناس, فجمع تلك الكتب فجعلها في صندوق, ثم دفنها تحت كرسيه ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسي إلا احترق, وقال: لا أسمع أحداً يذكر أن الشياطين يعلمون الغيب إلا ضربت عنقه, فلما مات سليمان, وذهبت العلماء الذين كانوا يعرفون أمر سليمان, وخلف من بعد ذلك خلف, تمثل الشيطان في صورة إنسان ثم أتى نفراً من بني إسرائيل فقال لهم: هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً ؟ قالوا: نعم, قال: فاحفروا تحت الكرسي, فذهب معهم وأراهم المكان وقام ناحيته, فقالوا له: فادن, فقال: لا ولكنني ههنا في أيديكم, فإن لم تجدوه فاقتلوني, فحفروا فوجدوا تلك الكتب, فلما أخرجوها قال الشيطان: إن سليمان إنما كان يضبط الإنس والشياطين والطير بهذا السحر ثم طار وذهب وفشا في الناس أن سليمان كان ساحراً, واتخذت بنو إسرائيل تلك الكتب, فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم خاصموه بها فذلك حين يقول الله تعالى {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا}, وقال الربيع بن أنس: إن اليهود سألوا محمداً صلى الله عليه وسلم زماناً عن أمور من التوراة لا يسألونه عن شيء من ذلك إلاأنزل الله سبحانه وتعالى ما سألوه عنه, فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا: هذا أعلم بما أنزل الله إلينا منا. وإنهم سألوه عن السحر وخاصموه به, فأنزل الله عز وجل {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر} وإن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك, فدفنوه تحت كرسي مجلس سليمان وكان عليه السلام لا يعلم الغيب, فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا ذلك السحر وخدعوا الناس وقالوا: هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسد الناس عليه, فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فرجعوا من عنده وقد أدحض الله حجتهم, وقال مجاهد في قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} قال: كانت الشياطين تستمع الوحي فما سمعوا من كلمة زادوا فيها مائتين مثلها, فأرسل سليمان عليه السلام إلى ما كتبوا من ذلك, فلما توفي سليمان وجدته الشياطين وعلمته الناس وهو السحر, وقال سعيد بن جبير: كان سليمان يتتبع ما في أيدي الشياطين من السحر فيأخذه منهم فيدفنه تحت كرسيه في بيت خزانته فلم تقدر الشياطين أن يصلوا إليه فدنت إلى الإنس فقالوا لهم أتدرون ما العلم الذي كان سليمان يسخر به الشياطين والرياح وغير ذلك ؟ قالوا: نعم, قالوا: فإنه في بيت خزانته وتحت كرسيه فاستشار به الإنس واستخرجوه وعملوا بها, فقال أهل الحجاز: كان سليمان يعلم بهذا وهذا سحر فأنزل الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم براءة سليمان عليه السلام فقال تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا} وقال محمد بن إسحاق بن يسار: عمدت الشياطين حين عرفت موت سليمان بن داود عليه السلام, فكتبوا أصناف السحر, من كان يحب أن يبلغ كذا فليفعل كذا وكذا حتى إذا صنفوا أصناف السحر, جعلوه في كتاب ثم ختموه بخاتم على نقش خاتم سليمان وكتبوا في عنوانه: هذا ما كتب آصف بن برخيا الصديق للملك سليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم. ثم دفنوه تحت كرسيه واستخرجته بعد ذلك بقايا بني إسرائيل حتى أحدثوا ما أحدثوا فلما عثروا عليه قالوا: والله ما كان ملك سليمان إلا بهذا, فأفشوا السحر في الناس فتعلموه وعلموه, فليس هو في أحد أكثر منه في اليهود لعنهم الله, فلما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نزل عليه من الله سليمان بن داود وعده فيمن عد من المرسلين, قال من كان بالمدينة من اليهود: ألا تعجبون من محمد يزعم أن ابن داود كان نبياً والله ما كان إلا ساحراً. وأنزل الله في ذلك من قولهم {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا} الاَية, وقال ابن جرير: حدثنا القاسم: حدثنا حسين حدثنا الحجاج عن أبي بكر عن شهر بن حوشب, قال: لما سلب سليمان ملكه كانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان, فكتبت من أراد أن يأتي كذا وكذا فليستقبل الشمس وليقل كذا وكذا, ومن أراد أن يفعل كذا وكذا فليستدبر الشمس وليقل كذا وكذا, فكتبته وجعلت عنوانه: هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود عليهما السلام من ذخائر كنوز العلم ثم دفنه تحت كرسيه, فلما مات سليمان عليه السلام, قام إبليس لعنه الله خطيباً فقال: ياأيها الناس إن سليمان لم يكن نبياً إنما كان ساحراً فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته, ثم دلهم على المكان الذي دفن فيه, فقالوا: والله لقد كان سليمان ساحراً هذا سحره بهذا تعبدنا وبهذا قهرنا, فقال المؤمنون: بل كان نبياً مؤمناً, فلما بعث الله النبي محمداً صلى الله عليه وسلم وذكر داود وسليمان فقالت اليهود: انظروا إلى محمد يخلط الحق بالباطل, يذكر سليمان مع الأنبياء إنما كان ساحراً يركب الريح, فأنزل الله تعالى {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان} الاَية, وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني, حدثنا المعتمر بن سليمان, قال: سمعت عمران بن حدير عن أبي مجلز قال: أخذ سليمان عليه السلام من كل دابة عهداً فإذا أصيب رجل فسأل بذلك العهد خلي عنه, فزاد الناس السجع والسحر, فقالوا: هذا يعمل به سليمان بن داود عليهما السلام, فقال الله تعالى: {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر}, وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عصام بن رواد حدثنا آدم حدثنا المسعودي عن زياد مولى ابن مصعب عن الحسن {واتبعوا ما تتلوا الشياطين} قال: ثلث الشعر وثلث السحر وثلث الكهانة, وقال: حدثنا الحسن بن أحمد حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار الواسطي حدثني سرور بن المغيرة عن عباد بن منصور عن الحسن {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} وتبعته اليهود على ملكه وكان السحر قبل ذلك في الأرض لم يزل بها, ولكنه إنما اتبع على ملك سليمان, فهذه نبذة من أقوال أئمة السلف في هذا المقام, ولا يخفى ملخص القصة والجمع بين أطرافها وأنه لا تعارض بين السياقات على اللبيب الفهم, والله الهادي. وقوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} أي واتبعت اليهود الذين أوتوا الكتاب من بعد إعراضهم عن كتاب الله الذي بأيديهم, ومخالفتهم لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ما تتلوه الشياطين, أي ما ترويه وتخبر به وتحدثه الشياطين على ملك سليمان, وعداه بعلى لأنه تضمن تتلو تكذب, وقال ابن جرير «على» ههنا بمعنى في, أي تتلوا في ملك سليمان, ونقله عن ابن جريج وابن إسحاق (قلت) والتضمن أحسن وأولى, والله أعلم. وقول الحسن البصري رحمه الله وكان السحر قبل زمان سليمان بن داود ـ صحيح لا شك فيه, لأن السحرة كانوا في زمان موسى عليه السلام وسليمان بن داود بعده, كما قال تعالى {ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى} الاَية, ثم ذكر القصة بعدها وفيها {وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة} وقال قوم صالح وهم قبل إبراهيم الخليل عليه السلام لنبيهم صالح إنما {أنت من المسحرين} أي المسحورين على المشهور, وقوله تعالى {وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه} اختلف الناس في هذا المقام, فذهب بعضهم إلى أن «ما» نافية أعني التي في قوله: { وما أنزل على الملكين} قال القرطبي: ما نافية ومعطوف على قوله {وما كفر سليمان} ثم قال {ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين} وذلك أن اليهود كانوا يزعمون أنه نزل به جبريل وميكائيل فأكذبهم الله وجعل قوله {هاروت وماروت} بدلاً من الشياطين, قال: وصح ذلك إما لأن الجمع يطلق على الاثنين كما في قوله تعالى: {فإن كان له إخوة} أو لكونهما لهما أتباع أو ذكرا من بينهم لتمردهما تقدير الكلام عنده يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت. ثم قال: وهذا أولى ما حملت عليه الاَية وأصح ولا يتلفت إلى ما سواه, وروى ابن جرير بإسناده من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله {وما أنزل على الملكين ببابل} الاَية, يقول لم ينزل الله السحر وبإسناده عن الربيع بن أنس في قوله {وما أنزل على الملكين} قال: ما أنزل الله عليهما السحر, قال ابن جرير فتأويل الاَية على هذا {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} من السحر وما كفر سليمان ولا أنزل الله السحر على الملكين ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت, فيكون قوله ببابل هاروت وماروت من المؤخر الذي معناه المقدم قال: فإن قال لنا قائل: كيف وجه تقديم ذلك ؟ قيل وجه تقديمه أن يقال {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} من السحر وما كفر سليمان وما أنزل الله السحر على الملكين, ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت, فيكون معنياً بالملكين جبريل وميكائيل عليهما السلام, لأن سحرة اليهود فيما ذكرت كانت تزعم أن الله أنزل السحر على لسان جبريل وميكائيل إلى سليمان بن داود فأكذبهم الله بذلك, أخبر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن جبريل وميكائيل لم ينزلا بسحر وبرأ سليمان عليه السلام مما نحلوه من السحر, وأخبرهم أن السحر من عمل الشياطين وأنها تعلم الناس ذلك ببابل, وأن الذين يعلمونهم ذلك رجلان: اسم أحدهما هاروت, واسم الاَخر ماروت, فيكون هاروت وماروت على هذا التأويل ترجمة عن الناس ورداً عليهم. هذا لفظه بحروفه, وقد قال ابن أبي حاتم: حدثت عن عبيد الله بن موسى, أخبرنا فضيل بن مرزوق عن عطية {وما أنزل على الملكين} قال: ما أنزل الله على جبريل وميكائيلالسحر, قال ابن أبي حاتم: وأخبرنا الفضل بن شاذان, أخبرنا محمد بن عيسى, أخبرنا يعلى يعني ابن أسد, أخبرنا بكر يعني ابن مصعب, أخبرنا الحسن بن أبي جعفر: أن عبد الرحمن بن أبزى كان يقرؤها {وما أنزل على الملكين داود وسليمان} وقال أبو العالية: لم ينزل عليهما السحر, يقول: علما بالإيمان والكفر, فالسحر من الكفر, فهما ينهيان عنه أشد النهي, رواه ابن أبي حاتم, ثم شرع ابن جرير في رد هذا القول, وأن ما بمعنى الذي, وأطال القول في ذلك وادعى أن هاروت وماروت ملكان أنزلهما الله إلى الأرض وأذن لهما في تعليم السحر اختباراً لعباده وامتحاناً بعد أن بين لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل, وادعى أن هاروت وماروت مطيعان في تعليم ذلك , لأنهما امتثلا ما أمرا به, وهذا الذي سلكه غريب جداً, وأغرب منه قول من زعم أن هاروت وماروت قبيلان من الجن, كما زعمه ابن حزم, وروى ابن أبي حاتم بإسناده عن الضحاك بن مزاحم أنه كان يقرؤها {وما أنزل على الملكين} ويقول: هما علجان من أهل بابل, ووجه أصحاب هذا القول الإنزال بمعنى الخلق لا بمعنى الايحاء كما في قوله تعالى {وما أنزل على الملكين} كما قال تعالى: {وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} {وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد}, {وينزل لكم من السماء رزقاً}وفي الحديث «ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء» وكما يقال «أنزل الله الخير والشر» وحكى القرطبي عن ابن عباس وابن أبزى والحسن البصري أنهم قرؤوا {وما أنزل على الملكين} بكسر اللام, قال ابن أبزى: وهما داود وسليمان, قال القرطبي: فعلى هذا تكون ما نافية أيضاً, وذهب آخرون إلى الوقف على قوله {يعلمون الناس السحر} وما نافية, قال ابن جرير: حدثني يونس, أخبرنا ابن وهب, أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد وسأله رجل عن قول الله {يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت} فقال: الرجلان يعلمان الناس ما أنزل عليهما ويعلمان الناس ما لم ينزل عليهما, فقال القاسم: ما أبالي أيتهما كانت. ثم روى عن يونس عن أنس بن عياض عن بعض أصحابه أن القاسم قال في هذه القصة: لا أبالي أي ذلك كان, إني آمنت به, وذهب كثير من السلف إلى أنهما كانا ملكين من السماء, وأنهما أنزلا إلى الأرض, فكان من أمرهما ما كان, وقد ورد في ذلك حديث مرفوع رواه الإمام أحمد في مسنده رحمه الله كما سنورده إن شاء الله, وعلى هذا فيكون الجمع بين هذا وبين ما ورد من الدلائل على عصمة الملائكة أن هذين سبق في علم الله لهما هذا, فيكون تخصيصاً لهما فلا تعارض حينئذ كما سبق في علمه من أمر إبليس ما سبق, وفي قوله إنه كان من الملائكة لقوله تعالى {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لاَدم فسجدوا إلا إبليس أبى} إلى غير ذلك من الاَيات الدالة على ذلك, مع أن شأن هاروت وماروت على ما ذكر أخف مما وقع من إبليس لعنه الله تعالى. وقد حكاه القرطبي عن علي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وكعب الأحبار والسدي والكلبي.
ذكر الحديث الوارد في ذلك إن صح سنده ورفعه وبيان الكلام عليه
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في مسنده: أخبرنا يحيى بن بكير, حدثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما, أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم: «إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة: أي رب {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} قالوا: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم, قال الله تعالى للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان, قالوا: ربنا هاروت وماروت, فأهبطا إلى الأرض, ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر, فجاءتهما فسألاها نفسها, فقالت لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك, فقالا: والله لا نشرك بالله شيئاً أبداً, فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت: لا والله حتى تقتلا هذا الصبي, فقالا: لا والله لا نقتله أبداً فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها, فقالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر, فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي, فلما أفاقا قالت المرأة: والله ما تركتما شيئاً أبيتماه علي إلا قد فعلتماه حين سكرتما, فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الاَخرة, فاختارا عذاب الدنيا». وهكذا رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه عن الحسن ابن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن بكير ـ به, وهذا حديث غريب من هذا الوجه, ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين إلا موسى بن جبير هذا هو الأنصاري السلمي مولاهم المديني الحذاء, وروى عن ابن عباس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ونافع وعبد الله بن كعب بن مالك وروى عنه ابنه عبد السلام وبكر بن مضر وزهير بن محمد وسعيد بن سلمة وعبد الله بن لهيعة وعمرو بن الحارث ويحيى بن أيوب, وروى له أبو داود وابن ماجه, وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل, ولم يحك فيه شيئاً من هذا فهو مستور الحال, وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم, وروى له متابع من وجه آخر عن نافع, كما قال ابن مردويه: حدثنا دعلج بن أحمد حدثنا هشام بن علي بن هشام حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا سعيد بن سلمة حدثنا موسى بن سرجس عن نافع عن ابن عمر: سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره بطوله وقال أبو جعفر بن جرير رحمه الله: حدثنا القاسم, أخبرنا الحسين وهو سنيد بن داود صاحب التفسير, أخبرنا الفرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع, قال: سافرت مع ابن عمر فلما كان من آخر الليل قال: يا نافع انظر طلعت الحمراء ؟ قلت: لا, مرتين أو ثلاثاً, ثم قلت: قد طلعت, قال: لا مرحباً بها ولا أهلاً, قلت سبحان الله نجم مسخر سامع مطيع, قال: ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الملائكة قالت يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ قال: إني ابتليتهم وعافيتكم, قالوا: لو كنا مكانهم ما عصيناك, قال: فاختاروا ملكين منكم, قال: فلم يألوا جهداً أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت» وهذان أيضاً غريبان جداً. وأقرب ما يكون في هذا أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار لا عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الأحبار قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب, فقيل لهم: اختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت, فقال لهما إني أرسل إلى بني آدم رسلاً وليس بيني وبينكم رسول, انزلا لا تشركا بي شيئاً ولا تزنيا ولا تشربا الخمر, قال كعب: فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استكملا جميع ما نهيا عنه رواه ابن جرير من طريقين عن عبد الرزاق به, ورواه ابن أبي حاتم عن أحمد بن عصام عن مؤمل عن سفيان الثوري به, ورواه ابن جرير أيضاً حدثني المثنى أخبرنا المعلى وهو ابن أسد أخبرنا عبد العزيز بن المختار عن موسى بن عقبة حدثني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن كعب الأحبار فذكره, فهذا أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمرمن الإسنادين المتقدمين وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع, فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل, والله أعلم.
(ذكر الاَثار الواردة في ذلك عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجميعن)
قال ابن جرير: حدثني المثنى حدثنا الحجاج أخبرنا حماد عن خالد الحذاء عن عمير بن سعيد, قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: كانت الزهرة امرأة جملية من أهل فارس وإنها خاصمت إلى الملكين هاروت وماروت فراوداها عن نفسها فأبت عليهما إلا أن يعلماها الكلام الذي إذا تكلم به أحد يعرج به إلى السماء فعلماها فتكلمت به, فعرجت إلى السماء فمسخت كوكباً وهذا الإسناد رجاله ثقات وهو غريب جداً ـ وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا الفضل ابن شاذان أخبرنا محمد بن عيسى أخبرنا إبراهيم بن موسى أخبرنا معاوية عن خالد عن عمير بن سعيد عن علي رضي الله عنه قال هما ملكان من ملائكة السماء, يعني {وما أنزل على الملكين} روواه الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره بسنده عن مغيث عن مولاه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي مرفوعاً, وهذا لا يثبت من هذا الوجه. ثم رواه من طريقين آخرين عن جابر عن أبي الطفيل عن علي رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت» وهذ أيضاً لا يصح وهو منكر جداً, والله أعلم.
وقال ابن جرير: حدثني المثنى بن إبراهيم أخبرنا الحجاج بن منهال حدثنا حماد عن علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود وابن عباس أنهما قالا جميعاً: لما كثر بنو آدم وعصوا, دعت الملائكة عليهم والأرض والجبال ربنا لا تمهلهم, فأوحى الله إلى الملائكة إني أزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم وأنزلت الشهوة والشيطان في قلوبهم ولو نزلتم لفعلتم أيضاً. قال: فحدثوا أنفسهم ان لو ابتلوا اعتصموا, فأوحى الله إليهم أن اختاروا ملكين من أفضلكم, فاختاروا هاروت وماروت, فأهبطا إلى الأرض وأنزلت الزهرة إليهما في صورة امرأة من أهل فارس يسمونها بيذخت, قال: فوقعا بالخطيئة, فكانت الملائكة يستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً, فلما وقعا بالخطيئة استغفروا لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم, فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الاَخرة فاختارا عذاب الدنيا. وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي أخبرنا عبيد الله يعني ابن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو ويونس بن خباب عن مجاهد, قال: كنت نازلاً على عبد الله بن عمر في سفر, فلما كان ذات ليلة قال لغلامه: انظر هل طلعت الحمراء لا مرحباً بها ولا أهلاً ولا حياها الله هي صاحبة الملكين, قالت الملائكة: يا رب, كيف تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدم الحرام وينتهكون محارمك ويفسدون في الأرض ؟ قال إني ابتليتهم فلعل إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون, قالوا: لا, قال: فاختاروا من خياركم اثنين, فاختاروا هاروت وماروت, فقال لهما: إني مهبطكما إلى الأرض وعاهد إليكما أن لا تشركا ولا تزنيا ولا تخونا, فأهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشهوة, وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة, فتعرضت لهما فراوداها عن نفسها, فقالت: إني على دين لا يصح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله, قالا: وما دينك ؟ قالت المجوسية, قالا: الشرك هذا شيء لا نقر به, فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى, ثم تعرضت لهما فراوداها عن نفسها, فقالت: ما شئتما غير أن لي زوجاً وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فأفتضح, فإن أقررتما لي بديني وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء فعلت, فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء, فلما انتهيا بها إلى السماء اختطفت منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين فإذا كان يوم الجمعة أجيب فقالا: لو أتينا فلاناً فسألناه فطلب لنا التوبة, فأتياه فقال: رحمكما الله كيف يطلب التوبة أهل الأرض لأهل السماء ؟ قالا: إنا قد ابتلينا, قال ائتياني يوم الجمعة فأتياه, فقال: ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة الثانية فأتياه, فقال: اختارا فقد خيرتما إن اخترتما معافاة الدنيا وعذاب الاَخرة وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله, فقال أحدهما: إن الدنيا لم يمض منه إلا القليل. وقال الاَخر: ويحك إني قد اطعتك في الأمر الأول فأطعني الاَن إن عذاباً يفنى ليس كعذاب يبقى. فقال: إننا يوم القيامة على حكم الله فأخاف أن يعذبنا, قال: لا. إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الاَخرة أن لا يجمعها علينا, قال: فاختارا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار عاليهما سافلهما ـ وهذ إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر ـ وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح عن نافع عنه رفعه, وهذا أثبت وأصح إسناداً ثم هو ـ والله أعلم ـ من رواية ابن عمر عن كعب كما تقدم بيانه من رواية سالم عن أبيه. وقوله: إن الزهرة نزلت في صورة امرأة حسناء, وكذا في المروي عن علي فيه غرابة جداً.

وأقرب ما ورد في ذلك ما قال ابن أبي حاتم: أخبرنا عصام بن رواد, أخبرنا آدم, أخبرنا أبو حعفر, حدثنا الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: لما وقع الناس من بعد آدم عليهالسلام فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله, قالت الملائكة في السماء: يا رب هذا العالم الذي إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك قد وقعوا فميا وقعوا فيه, وركبوا الكفر, وقتل النفس, وأكل المال الحرام, والزنا والسرقة, وشرب الخمر, فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم فقيل: إنهم في غيب فلم يعذروهم, فقيل لهم: اختاروا من أفضلكم ملكين آمرهما, وأنهاهما, فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئاً ونهيا عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام وعن الزنا والسرقة وشرب الخمر, فلبثا في الأرض زماناً يحكمان بن الناس بالحق وذلك في زمن إدريس عليه السلام, وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب, وإنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها على نفسها فأبت إلا أن يكون على أمرها وعلى دينها, فسألاها عن دينها, فأخرجت لهما صنماً فقالت: هذا أعبده, فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا, فذهبا فغبرا ما شاء الله, ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها ففعلت مثل ذلك, فذهبا ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها, فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم, قالت لهما: اختارا أحد الخلال الثلاث: إما ان تعبدا هذا الصنم, وإما أن تقتلا هذه النفس, وإما أن تشربا هذه الخمر, فقالا: كل هذا لا ينبغي وأهون هذا شرب الخمر فشربا الخمر فأخذت فيهما, فواقعا المرأة فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه, فلما ذهب عنهما السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا وحيل بينهما وبن ذلك, وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء, فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه فعجبوا كل العجب وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية, فجعلوا بعد ذلك يستعفرون لمن في الأرض فنزل في ذلك {والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستعفرون لمن في الأرض} فقيل لهما: اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الاَخرة, فقالا: أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب وأما عذاب الاَخرة فلا انقطاع له, فاختارا عذاب الدنيا, فجعلا ببابل فهما يعذبان, وقد رواه الحاكم في مستدركه مطولاً عن أبي زكريا العنبري عن محمد بن عبد السلام عن إسحاق بن راهوية عن حكام بن سلم الرازي وكان ثقة عن أبي جعفر الرازي به, ثم قال: صحيح الإسناد لم يخرجاه, فهذا أقرب ما روي في شأن الزهرة, والله أعلم.

وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا أبي أخبرنا مسلم أخبرنا القاسم بن الفضل الحذائي أخبرنا يزيد يعني الفارسي عن ابن عباس: أن أهل سماء الدينا أشرفوا على أهل الأرض فرأوهم يعملون بالمعاصي, فقالوا: يا رب أهل الأرض كانوا يعملون بالمعاصي, فقال الله: أنتم معي وهم في غيب عني, فقيل لهم: اختاروا منكم ثلاثة فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض على أن يحكموا بين أهل الأرض, وجعل فيهما شهوة الاَدميين, فأمروا أن لا يشربوا خمراً ولا يقتلوا نفساً ولا يزنوا ولا يسجدوا لوثن, فاستقال منهم واحد فأقيل, فأهبط اثنان إلى الأرض فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال لها: مناهية فهوياها جميعاً, ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فأراداها فقالت لهما: لا حتى تشربا خمري, وتقتلا ابن جاري, وتسجدا لوثني, فقالا: لا نسجد ثم شربا من الخمر ثم قتلا ثم سجدا, فأشرف أهل السماء عليهما, وقالت لهما: أخبراني بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما, فأخبراها فطارت, فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة, وأما هما فأرسل إليهما لسليمان بن داود فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الاَخرة, فاختارا عذاب الدنيا فهما مناطان بين السماء والأرض, وهذا السياق فيه زيادة كثيرة وإغراب ونكارة, والله أعلم بالصواب.

وقال عبد الرزاق: قال معمر قال قتادة والزهري, عن عبيد الله بن عبد الله {وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت} كانا ملكين من الملائكة فأهبطا ليحكما بين الناس, وذلك أن الملائكة سخروا من حكام بني آدم فحاكمت إليهما امرأة فحافا لها ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك, ثم خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الاَخرة فاختارا عذاب الدنيا. قال معمر: قال قتادة فكانا يعلمان الناس السحر فأخذ عليهما أن لا يعلما أحداً حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر.

وقال أسباط عن السدي أنه قال: كان من أمر هاروت وماروت أنهما طعنا على أهل الأرض في أحكامهم, فقيل لهما: إني أعطيت بني آدم عشراً من الشهوات فبها يعصونني, قال هاروت وماروت: ربنا لو أعطيتنا تلك الشهوات ثم نزلنا لحكمنا بالعدل. فقال لهما: أنزلا فقد أعطيتكما تلك الشهوات العشر فاحكما بين الناس, فنزلا ببابل ديناوند, فكانا يحكمان حتى إذا أمسيا عرجا فإذا أصبحا هبطا, فلم يزالا كذلك حتى أتتهما امرأة تخاصم زوجها فأعجبهما حسنها واسمها بالعربية الزهرة, وبالنبطية بيدخت, وبالفارسية أناهيد, فقال أحدهما لصاحبه: إنها لتعجبني, قال الاَخر: قد أردت أن أذكر لك فاستحييت منك, فقال الاَخر: هل لك أن أذكرها لنفسها. قال: نعم, ولكن كيف لنا بعذاب الله ؟ قال الاَخر إنا لنرجو رحمة الله. فلما جاءت تخاصم زوجها ذكرا إليها نفسها, فقالت: لا حتى تقضيا لي على زوجي فقضيا لها على زوجها ثم واعدتهما خربة من الخرب يأتيانها فيها فأتياها لذلك, فلما أراد الذي يواقعها قالت: ما أنا بالذي أفعل حتى تخبراني بأي كلام تصعدان إلى السماء, وبأي كلام تنزلان منها, فأخبراها فتكلمت فصعدت, فأنساها الله تعالى ما تنزل به فثبتت مكانها وجعلها الله كوكباً, فكان عبد الله بن عمر كلما رآها لعنها وقال: هذه التي فتنت هاروت وماروت, فلما كان الليل, أرادا أن يصعدا فلم يطيقا فعرفا الهلكة, فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الاَخرة, فاختارا عذاب الدنيا, فعلقا ببابل وجعلا يكلمان الناس كلامها وهو السحر.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد: أما شأن هاروت وماروت فإن الملائكة عجبت من ظلم بني آدم وقد جاءتهم الرسل والكتب والبينات, فقال لهم ربهم تعالى: اختاروا منكم ملكين أنزلهما يحكمان في الأرض فاختاروا فلم يألوا هاروت وماروت, فقال لهما حين أنزلهما: أعجبتما من بني آدم من ظلمهم ومعصيتهم وإنما تأتيهم الرسل والكتب من وراء وراء وإنكما ليس بيني وبينكما رسول, فافعلا كذا وكذا ودعا كذا وكذا, فأمرهما بأمور ونهاهما, ثم نزلا على ذلك ليس أحد أطوع لله منهما فحكما فعدلا, فكانا يحكمان في النهار بين بني آدم فإذا أمسيا عرجا فكانا مع الملائكة, وينزلان حين يصبحان فيحكمان فيعدلان حتى أنزلت عليهما الزهرة في أحسن صورة امرأة تخاصم فقضيا عليها, فلما قامت وجد كل واحد منهما في نفسه, فقال أحدهما لصاحبه: وجدت مثل الذي وجدت ؟ قال: نعم, فبعثا إليها أن ائتيانا نقض لك, فلما رجعت قالا: وقضيا لها فأتتهما فكشفا لها عن عورتيهما, وإنما كانت سوآتهما في أنفسهما ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذاتها, فلما بلغا ذلك واستحلا افتتنا, فطارت الزهرة فرجعت حيث كانت, فلما أمسيا عرجا فزجرا فلم يؤذن لهما ولم تحملهما أجنحتهما, فاستغاثا برجل من بني آدم فأتياه فقالا: ادع لنا ربك, فقال: كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء ؟ قالا: سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء, فوعدهما يوماً, وغدا يدعو لهما فدعا لهما فاستجيب له, فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الاَخرة, فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال: ألا تعلم أن أفواج عذاب الله في الاَخرة كذا وكذا في الخلد وفي الدنيا تسع مرات مثلها ؟ فأمرا أن ينزلا ببابل فتم عذابهما, وزعم أنهما معلقان في الحديد مطويان يصفقان بأجنحتهما, وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين كمجاهد والسدي والحسن البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن أنس ومقاتل بن حيان وغيرهم, وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين, وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى, وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا إطناب فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى, والله أعلم بحقيقة الحال.

وقد ورد في ذلك أثر غريب وسياق عجيب في ذلك, أحببنا أن ننبه عليه, قال الإمام أبو جعفر بن جرير رحمه الله تعالى: أخبرنا الربيع بن سليمان أخبرنا ابن وهب أخبرنا ابن أبي الزناد حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: قدمت علي امرأة من أهل دومة الجندل جاءت تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حداثة ذلك تسأله عن أشياء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به, وقالت عائشة رضي الله عنها لعروة: يا ابن أختي, فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفيها, فكانت تبكي حتى إني لأرحمها, وتقول: إني أخاف أن أكون قد هلكت, كان لي زوج فغاب عني فدخلت عليّ عجوز فشكوت ذلك إليها, فقالت: إن فعلت ما آمرك به فأجعله يأتيك, فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الاَخر, فلم يكن شي حتى وقفنا ببابل وإذا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا: ما جاء بك ؟ قلت: نتعلم السحر, فقالا: إنما نحن فتنة فلا تكفري فارجعي, فأبيت وقلت: لا, قالا: فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه, فذهبت ففزعت ولم أفعل فرجعت إليهما فقالا: أفعلت ؟ فقلت: نعم, فقالا: هل رأيت شيئاً ؟ فقلت: لم أر شيئاً, فقالا لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فأرببت وأبيت, فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه فذهبت فاقشعررت وخفت, ثم رجعت إليهما وقلت: قد فعلت, فقالا: فما رأيت ؟ قلت: لم أر شيئاً, فقالا: كذبت لم تفعلي ارجعي إلى بلادك, ولا تكفري فإنك على رأس أمرك فأرببت وأبيت, فقالا: اذهبي إلى التنور فبولي فيه, فذهبت إليه فبلت فيه فرأيت فارساً مقنعاً بحديد خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه, فجئتهما فقلت: قد فعلت, فقالا: فما رأيت ؟ قلت: رأيت فارساً مقنعاً خرج مني فذهب في السماء وغاب حتى ما أراه, فقالا: صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي, فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئاً وما قالا لي شيئاً, فقالت: بلى لم تريدي شيئاً إلا كان, خذي هذا القمح فابذري, فبذرت وقلت: اطلعي فأطلعت, وقلت: احقلي فأحقلت, ثم قلت: افركي فأفركت, ثم قلت: أيبسي فأيبست, ثم قلت: اطحني فأطحنت, ثم قلت: اخبزي فأخبزت, فلما رأيت أني لا أريد شيئاً إلا كان سقط في يدي, وندمت, والله يا أم المؤمنين ما فعلت شيئاً ولا أفعله أبداً, ورواه ابن أبي حاتم عن الربيع بن سليمان به مطولاً كما تقدم وزاد بعد قولها ولا أفعلها أبداً, فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثة وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يومئذ متوافرون, فما دروا ما يقولون لها, وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلمه إلا أنه قد قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده: لو كان أبواك حيين أو أحدهما. قال هشام: فلو جاءتنا أفتيناها بالضمان. قال ابن أبي الزناد: وكان هشام يقول: عنهم كانوا من أهل الورع والخشية من الله ثم يقول هشام: لو جاءتنا مثلها اليوم لوجدت نوكى أهل حمق وتكلف بغير علم, فهذا إسناد جيد إلى عائشة رضي الله عنها.

وقد استدل بهذا الأثر من ذهب إلى ان الساحر له تمكن في قلب الأعيان لأن هذه المرأة بذرت واستغلت في الحال. وقال آخرون: بل ليس له قدرة إلا على التخييل كما قال تعالى {سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم} وقال تعالى: {يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى} استدل به على أن بابل المذكورة في القرآن هي بابل العراق لا بابل ديناوند كما قاله السدي وغيره, ثم الدليل على أنها بابل العراق ما قال ابن أبي حاتم: أخبرنا علي بن الحسين أخبرنا أحمد بن صالح حدثني ابن وهب حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري: أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مر ببابل وهو يسير, فجاء المؤذن يؤذنه بصلاة العصر, فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة, فملا فرغ قال: إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي بأرض المقبرة ونهاني ان أصلي ببابل فإنها ملعونة وقال أبو داود: أخبرنا سليمان بن داود أخبرنا ابن وهب حدثني ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن علياً مرّ ببابل وهو يسير, فجاءه المؤذن يؤذنه بصلاة العصر, فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة, فلما فرغ قال: إن حبيبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في المقبرة, ونهاني أن أصلي بأرض بابل فإنها ملعونة. حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أزهر وابن لهيعة عن حجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري عن علي بمعنى حديث سليمان بن داود, قال: فلما خرج منها برز, وهذا الحديث حسن عند الإمام أبي داود لأنه رواه وسكت عنه ففيه من الفقه كراهية الصلاة بأرض بابل كما تكره بديار ثمود الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدخول إلى منازلهم إلا أن يكونوا باكين. قال أصحاب الهيئة: وبعد ما بين بابل وهي من إقليم العراق عن البحر الميحط الغربي, ويقال له أوقيانوس سبعون درجة ويسمون هذا طولاً, وأما عرضها وهو بعد ما بينها وبن وسط الأرض من ناحية الجنوب, وهو المسامت لخط الاستواء اثنان وثلاثون درجة, والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
احمد الديش
نائب المدير العام
نائب المدير العام
احمد الديش


العمر : 31
تاريخ التسجيل : 19/12/2009
عدد المساهمات : 25531
نقاط : 35491
ذكر

الديك
المزاج : اهلاوى منذ الصغر
الموقع : realahmed85@yahoo.com

سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)   سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) I_icon_minitimeالأربعاء يناير 19, 2011 11:09 am

ربنا يبارك فيك يا استاذ وائل علي تفسيرك الرائع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/?ref=home
السفير
المراقب العام
المراقب العام
السفير


تاريخ التسجيل : 03/08/2010
عدد المساهمات : 9009
نقاط : 16442
ذكر

المزاج : اهلاوى للابد(( الاهلى فى دمى ))

سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)   سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) I_icon_minitimeالجمعة يناير 21, 2011 10:22 am

ربنا يخليك استاذ احمد وبارك الله فيك
ودة نقل للتفسير عن تفسير
عن للإمام الحافظ عماد الدين ، أبو الفداء اسماعيل بن كثير القرشى الدمشقي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السفير
المراقب العام
المراقب العام
السفير


تاريخ التسجيل : 03/08/2010
عدد المساهمات : 9009
نقاط : 16442
ذكر

المزاج : اهلاوى للابد(( الاهلى فى دمى ))

سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)   سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) I_icon_minitimeالجمعة يناير 21, 2011 10:30 am

ربنا يخليك استاذ احمد وبارك الله فيك
ودة نقل للتفسير عن تفسير
عن للإمام الحافظ عماد الدين ، أبو الفداء اسماعيل بن كثير القرشى الدمشقي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السفير
المراقب العام
المراقب العام
السفير


تاريخ التسجيل : 03/08/2010
عدد المساهمات : 9009
نقاط : 16442
ذكر

المزاج : اهلاوى للابد(( الاهلى فى دمى ))

سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)   سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 15, 2011 10:33 am

مغلق للاستفادة فقط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السفير
المراقب العام
المراقب العام
السفير


تاريخ التسجيل : 03/08/2010
عدد المساهمات : 9009
نقاط : 16442
ذكر

المزاج : اهلاوى للابد(( الاهلى فى دمى ))

سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)   سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 15, 2011 10:33 am

مغلق للاستفادة فقط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
السفير
المراقب العام
المراقب العام
السفير


تاريخ التسجيل : 03/08/2010
عدد المساهمات : 9009
نقاط : 16442
ذكر

المزاج : اهلاوى للابد(( الاهلى فى دمى ))

سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)   سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر) I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 15, 2011 10:34 am

مغلق للاستفادة فقط
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سورة البقرة (الجزء الثانى العاشر)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة البقرة (الجزء العاشر)
» سورة البقرة (الجزء العاشر )
» سورة البقرة (الجزء الثامن العاشر)
» سورة البقرة (الجزء التاسع العاشر)
» سورة البقرة (الجزء الحادى العاشر)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الهياتم اليوم :: (¯`·._) (ركن شيوخ الاسلام) (¯`·._) :: تفسير القران الكريم :: الجزء الاول-
انتقل الى: